إدارة المخاطر من أجل السلام والاستقرار

اجتمع نحو ألف شخص في واشنطن العاصمة من أجل منتدى البنك الدولي حول الهشاشة لعام 2018. واحتشد واضعو السياسات من البلدان النامية والمتقدمة، وممارسون من وكالات الإغاثة الإنسانية ومؤسسات التنمية، والهيئات المعنية بالسلم والأمن، وأكاديميون وممثلون عن القطاع الخاص بهدف زيادة تأثيرنا الجماعي في البلدان التي تعاني الهشاشة والصراع والعنف.
يعكس هذا المنتدى، الذي ينعقد تحت شعار "إدارة المخاطر من أجل السلام والاستقرار"، نقلة استراتيجية في كيفية تصدي المجتمع الدولي للهشاشة والصراع والعنف ـــ وذلك ضمن سبل أخرى تضع الوقاية في المقام الأول. ويتجلى هذا النهج المتجدد في الدراسة المقبلة التي أجراها البنك الدولي بالاشتراك مع الأمم المتحدة بعنوان: مسارات للسلام: نهج شامل لمنع نشوب الصراع العنيف". تؤكد هذه الدراسة على ضرورة أن يعيد العالم التركيز على الوقاية كوسيلة لتحقيق السلام. ويرى مؤلفا التقرير أن الهدف الرئيس هو تحديد المخاطر مبكرا والعمل من كثب مع الحكومات لتحسين سبل التصدي لهذه المخاطر وتعزيز احتواء الفئات كافة.
تظهر التقديرات أن ما يقرب من ملياري شخص يعيشون في بلدان تعاني الهشاشة. ويتوزعون في البلدان منخفضة الدخل ومتوسطة الدخل. ويدحض تفشي الهشاشة عبر البلدان متوسطة الدخل المعتقدات السائدة منذ زمن التي تقول إن الهشاشة تقتصر في المقام الأول على البلدان الفقيرة، وإن القوة النسبية لمؤسسات البلدان متوسطة الدخل قد تدعم التقدم الاجتماعي والاقتصادي وتقي هذه البلدان شر مصائب الهشاشة والصراعات والعنف. هذا التصور زائف. ففي عام 2016، كان عدد البلدان التي شهدت صراعات عنيفة أكبر من أي وقت مضى خلال الـ 30 عاما الماضية. ونود منع نشوب الصراعات قبل أن تستعر للتأكد من أن البلدان أكثر قدرة على حماية مواطنيها والحفاظ على مكاسب التنمية التي أحرزتها خلال العقود الأخيرة.
مع التقاء المشاركين من 90 بلدا وأكثر من 400 منظمة، يؤكد منتدى البنك الدولي حول الهشاشة أهمية الشراكة. فنحن نعلم أنه ما من بلد أو منظمة يستطيع وحده أن يكافح هذه الأوضاع عالميا وينتصر؛ بل إن هذا يتطلب تعاونا وثيقا وتضافرا لجهود عديد من المؤسسات العاملة مع الحكومات لإجراء مزيد من البحوث والبيانات، وتحسين السياسات، وزيادة الموارد لوضع حلول أفضل.
في البنك الدولي، نكثف جهودنا لتعظيم تأثيرنا في الهشاشة والصراعات والعنف. ونعمل من خلال المؤسسة الدولية للتنمية على مضاعفة الموارد للبلدان التي تعاني الهشاشة والصراعات والعنف لتبلغ أكثر من 14 مليار دولار. وضعنا آليات جديدة للتمويل ـــ تشمل ملياري دولار لدعم اللاجئين والمجتمعات المحلية المضيفة لهم، و2.5 مليار دولار لتحفيز مشاريع القطاع الخاص، إضافة إلى العمل مع الشركاء العالميين، فإننا نعمل أيضا مع مؤسساتنا كافة للاستفادة من مجموعة الأدوات والتمويل والمعارف المتاحة. وتقع مكافحة الهشاشة والصراع والعنف في الصميم من رسالة البنك لإنهاء الفقر. وتظهر التوقعات أنه بحلول عام 2030 سيعيش ما بين 43 و 60 في المائة من فقراء العالم في البلدان التي تعاني الهشاشة والصراعات والعنف. ويحدوني الأمل في أن يتيح المجتمع الدولي لنفسه فرصة للتأمل في ملايين البشر الذين يعانون بالفعل آثار الحرب وصراعات أخرى: أولئك الذين قضوا في هذه الصراعات وهؤلاء الذين أجبروا على مغادرة منازلهم نتيجة لذلك.
خلال المنتدى، طرح واضعو السياسات من أفغانستان وإفريقيا الوسطى وتشاد والعراق والأردن والنيجر ونيجيريا والصومال وطاجيكستان أساليب مواجهة بلادهم للهشاشة والصراع والعنف، وأيضا من ممثلي المنظمات العالمية - اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ولجنة الإنقاذ الدولية، وفيلق الرحمة، وصندوق إنقاذ الطفولة، والمعهد الأمريكي للسلام، واليونيسف وغيرها كثير - وما يفعلونه لدعم ومساعدة البلدان ومواطنيهم الأشد ضعفا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي