الأعمال التجارية .. والشراكة مع المنظمات غير الحكومية «1 من 2»
بماذا تشترك الشركات التي تقدم المشروبات الغازية المعبأة في الزجاجات مع المنظمات غير الحكومية التي تقدم الطعام للمناطق التي تعاني الجفاف؟ يبدو أن القواسم المشتركة عديدة، وسواء كانت الأغراض تجارية أم إنسانية، فإن ذلك كله يتلخص في الخدمات اللوجستية.
يبدو العالم بالنسبة لمراقب عادي وكأنه يتهاوى، فملايين الناس يلقون حتفهم كل سنة في النزاعات العسكرية والكوارث الطبيعية، وملايين أخرى بسبب المجاعة والمرض، فقد مات نحو 230 ألفا في تسونامي المحيط الهندي عام 2004 وحده، وشرد نحو عشرة ملايين نسمة، وكان الدمار واسع النطاق، وكانت التغطية الإعلامية تفصيلية ومروعة، لدرجة أن الشركات والمؤسسات التي لم يسبق لها أن أبدت اهتماما في مجال الإغاثة الإنسانية، قد وجدت نفسها مضطرة للعمل. ومن المؤسف أن الاستجابة لتسونامي المحيط الهندي كانت بطيئة وغير منظمة، وكانت محبطة للأمم المتحدة ووكالات الإغاثة البارزة.
وبغض النظر عن الرغبة في المساعدة، أو حتى تقديم الأموال للمساعدة، فإن الجانب اللوجستي كان مفقودا: كيف يتم إيصال السلع والخدمات والناس إلى الأماكن التي كانت في أمس الحاجة لذلك؟ هي مشكلة تواجهها الأعمال التجارية كل يوم، وحتى في ظروف أقل قسوة. لقد التقت المجموعتان معا في مؤتمر إنسياد للصحة والخدمات اللوجستية الذي انعقد في هامبورج في شهر آذار (مارس).
يقول لوك فان واسينهوف، أستاذ إدارة التكنولوجيا والعمليات في إنسياد، ورئيس المؤتمر: "الشراكات أمر ليس بالسهل، لكنها فاعلة، شريطة أن يفهم المرء الأهداف والدوافع لكل طرف، وأن يقدم الجهد والاستثمار لكي يجعلها تعمل بفاعلية، ولا مفر منها بالنظر لضيق الموارد مستقبلا، وقد أصبحت شائعة كجزء من مسؤولية المؤسسات في السنوات العشر الماضية".
تجلب شركات الخدمات اللوجستية الخاصة معها الخبرة وشبكة من الموارد جرى اختبارها في السوق التجاري، وعندما تتعاون مع منظمات غير حكومية وحكومات وجامعات، فإن النتائج ستفضي إلى تحسن واضح في كفاءة الاستجابة للمساعدات.
تعد مؤسسة خدمة الطرود المتحدة (يو. بي. إس) من كبار المتبرعين لليونيسيف والطريق المتحدة وبرنامج الأغذية العالمي والصليب الأحمر، لكن الكوارث الأخيرة شجعت ناقلة الطرود على بذل مزيد من الجهد. يقول إدواردو مارتينيز، رئيس مؤسسة خدمة الطرود المتحدة، في معرض حديثه لمجلة إنسياد للمعرفة أثناء المؤتمر، "خدمة الطرود المتحدة هي شركة للشاحنات والناس والموارد، ونحن بمنزلة عتبة الباب لدى كثير من المجتمعات"، وأضاف قائلا، "بالنظر لقدرتنا على استخدام هذه الموارد، التي استخدمناها فعلا في أوقات الكوارث، فإننا نلتقي مع منظمات الإغاثة البارزة التي تحاول باستمرار الاستفادة من هذه العلاقة".
بدأت شركة دويتشه بوست/ دي إتش إل، وهي شركة منافسة لخدمة الطرود المتحدة، مساعداتها الإنسانية عام 2003، في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب منطقة بام الإيرانية، التي قتل فيها 26 ألفا من الناس. تعد شركة خدمة الطرود المتحدة (يو. بي. إس) أكبر شركة للشحن الجوي في العالم، وترتبط بشراكة مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية من أجل إعداد المطارات للتعامل مع الإمدادات الطارئة، ولديها ثلاث فِرق للاستجابة للطوارئ في مطارات في آسيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط، ويتكون كل فريق من 80 خبيرا، يمكن نشرهم في غضون 72 ساعة.
بعد زلزال هايتي، ارتحل مئات من عمال الإنقاذ إلى منطقة الكارثة، وكانوا غير مهيئين لذلك، ونظرا لانعدام الماء النظيف والغذاء والدواء، فسرعان ما أصبحوا هم أنفسهم ضحايا.
تؤكد شركة دي. إتش. إل. أن لديها التخطيط والإعداد، إذ إن لها شراكة لوجستية مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي المسمى غارد (جهز المطارات للكوارث)، الذي يعمل على تدريب موظفي المطارات والحكومات المحلية. تقول سوزان ماير، نائبة رئيس استراتيجية المسؤولية الاجتماعية للشركات في شركة دي. إتش. إل، "نحن ندرب موظفينا بشكل منتظم، ليكونوا مستعدين جيدا لأية حالة".
الشراكات وإدارة سلسلة الإمداد كلمات رنانة في مجتمع الإغاثة الآن، إلى جانب الكتب والدرجات العلمية العالية في القريب العاجل. تقول بريجيت ستالدر - أولسن، مديرة الخدمات اللوجستية في الصليب الأحمر، "قبل عشر سنوات، لم تكن الخدمات اللوجستية على الأجندة والخريطة الإنسانية، مع أنها العمود الفقري للمنظمات،" وتضيف قائلة، "أما اليوم، فهي على أجندة فريق الإدارة العليا"... يتبع.