العولمة والنمو .. عملية توازنية «2 من 2»
سيكون هناك كثير ما يتعين مناقشته حول من يفعل ماذا ومتى وأين؟ لأن هذا ينبغي أن يكون منهجا متمايزا بالفعل، ولكنني أؤمن بأن الجميع يؤيدون توصياتنا. فهناك قلق كبير بشأن انخفاض النمو، وامتداد فترة أسعار الفائدة المنخفضة، والعواقب السلبية لفرط الاعتماد على السياسة النقدية. ويبدو أن الأوضاع في عدة اقتصادات رئيسة قد استقرت عند أدنى مستوياتها، بينما انتعشت التدفقات الرأسمالية الداخلة إلى عدة اقتصادات صاعدة. ولم نعدل توقعنا للنمو هذا العام، وهي المرة الأولى التي يحدث فيها هذا منذ وقت طويل. وجزء من هذه التوقعات أن الاقتصادات المتقدمة ربما تكون في مسار نمو أبطأ، ولكن أداء بلدان الأسواق الصاعدة أفضل بقليل. وهناك بلدان تحقق أداء جيدا جدا – ومن أبرزها الهند – بينما توجد بلدان بدأت تخرج من مرحلة الركود، كما توجد فروق أخرى تبعا لما إذا كان البلد مصدرا للسلع الأولية أم لا.
استمرار دخول التدفقات الرأسمالية إلى الأسواق الصاعدة – ولكن ربما ليس بالقوة السابقة نفسها – والواقع أن بيئة رأس المال بشكل عام ليست معاكسة هذا العام بالنسبة للأسواق الصاعدة حتى الآن. وأرى أن الصورة لا بأس بها على المدى القصير. لكن ما حذر منه صندوق النقد هو أن الاقتصادات المتقدمة لن تتمكن من استكمال مهمتها إذا عجزت عن مواجهة تحديات تعزيز النمو على المدى الأطول، وإعادة التضخم إلى المستويات المستهدفة – وهو ما سيصيبها بالضعف مع الوقت. فقد أعرب بعض عن قلقهم من أن يكون انتعاش التدفقات الرأسمالية الداخلة إلى الأسواق الصاعدة مدفوعا ببيئة أسعار الفائدة الأساسية شديدة الانخفاض في الاقتصادات المتقدمة.
لقد قمنا بما نستطيع لتحليل التفاعلات بين السياسة النقدية في الاقتصادات المتقدمة والتدفقات الرأسمالية، وتقديم توصيات بشأن السياسات للبلدان المتأثرة. وفي أغلب الحالات، اتبعت البلدان ما قدمناه من مشورة بوجه عام. وهي تستخدم أسعار صرف مرنة، مع محاولة بناء هوامش أمان لمواجهة التدفقات المالية التي قد تخل بالاستقرار. إن ضعف أسعار السلع الأولية كان له تداعيات سلبية على عدد من البلدان، ومنها عدة بلدان منخفضة الدخل. ولذا كانت هناك خيبة أمل واسعة النطاق، وخاصة في إفريقيا، من متوسط النمو المنخفض للغاية الذي يتوقع أن تحققه القارة. ولا ينطبق هذا على كل البلدان؛ فبعضها – وخاصة غير المصدرة للنفط والسلع الأولية – يواصل النمو بمعدلات سريعة إلى حد كبير. ولكنني أعتقد أن الأمر بمنزلة انتكاسة، أو خطر، بالنسبة لكثير من البلدان. ونحن نعمل لمساعدة بلداننا الأعضاء على اجتياز هذه الفترة. ونحن أكثر تفاؤلا بشأن الآفاق المتوقعة لهذه البلدان على المدى الطويل. فكثير منها يتخذ خطوات لتعزيز هوامشها الوقائية، وتنمية قدراتها لتحسين صنع السياسات الاقتصادية، والقيام بأنواع الإنفاق على البنية التحتية الصلبة والمرنة والصحة والتعليم التي ستدعم النمو على المدى الطويل. وهذه الفترة من النمو المنخفض تمثل تحديا، ولكنني مقتنع بأن البلدان تستجيب بطريقة من شأنها تحسين آفاق المستقبل.
والخلاصة أن أهم شيء هو أننا قادرون على أن نثبت للعالم، ولبلداننا الأعضاء، أن العولمة واعدة بالكثير. هناك آثار جانبية، وهناك تداعيات. وسيكون علينا التعامل معها لإقناع البلدان الأعضاء على مواصلة الطريق وعدم التحول عن مسار الاندماج والترابط والانفتاح الذي يعد مصدر الدعم والنمو للاقتصاد العالمي.
ومن الضروري للبلدان – وخاصة الأسواق الصاعدة والبلدان النامية – أن تظل مترابطة لأن هذا الترابط سيكون مصدر الطلب على الصادرات ومصدر رأس المال الاستثماري والتكنولوجيا الذي سيساعدها على رفع مستويات المعيشة على مدار السنوات، بل العقود، القادمة. إذن هذه مهمتنا. وهناك كثير مما ينبغي أن يقوم به عدد كبير من بلداننا الأعضاء أيضا لتعزيز النمو والتعامل مع الآثار الجانبية للتغير التكنولوجي وزيادة الترابط.