مليون وحدة سكنية
هذا ما وعد به ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في لقائه الأخير، في معرض حديثه عن برنامج الإسكان، الذي يستهدف بناء مليون وحدة سكنية وتقديمها عن طريق البيع الميسر. وأكد أن صندوق الاستثمارات العامة سيكون له نصيب مهم من هذه الاستثمارات الضخمة في قطاع تطوير المساكن، كما أوضح أن برامج الإسكان ستشمل ثلاث فئات مختلفة، خاصة ذات الدخل الأدنى بمساكن مجانية لمن ليس لديه قدرة على السداد، ثم المساكن المدعومة من صندوق التمنية العقارية، وأن الأرباح للتمويل ستكون مدعومة بالكامل لمن دخله أقل من 14 ألف ريال، وأخيرا المشاريع السكنية الحكومية التي تعمل وزارة الإسكان على إنجازها، وأخيرا وفي مؤتمر تقنيات البناء وعد وزير الإسكان بأن بناء الوحدات السكنية سيستغرق يومين إلى 35 يوما، وذلك بالاعتماد على تقنيات حديثة للبناء والإنشاء، وأن أسعار الوحدات السكنية المستهدفة ستكون بين 250 ألف ريال و700 ألف ريال. وأوضح مستشار وزير الإسكان المشرف العام على برنامج الابتكار وتقنيات البناء، أن هناك عديدا من التقنيات الحديثة للبناء لم تستغل بعد، ويجب استغلالها حتى نرفع من جودة المساكن ونجعلها أقل تكلفة وأقل وقتا للإنجاز وأكثر كفاءة في استخدام الطاقة واستهلاك المياه، وهذا بلا شك كلام صحيح، حيث إن الطريقة المستخدمة حاليا في البناء هي الطريقة التقليدية التي تحتاج إلى مواد متعددة وعامل بشري كبير للإنجاز، وكفاءة الطاقة وتقليل استهلاك المياه لا شك أنها وسيلة مهمة لخفض التكاليف التشغيلية للوحدات السكنية على المدى البعيد، وذلك لعدم إرهاق رب الأسرة بالفواتير المرتفعة التي ستتضاعف مع رفع الدعم عن الكهرباء والماء، الذي سيبدأ في تموز (يوليو) 2017، حتى رفع الدعم بشكل كامل في 2020.
من المفترض أن برنامج الإسكان بما في ذلك بناء المليون وحدة سكنية وتفاصيل الفئات المستهدفة وطرق الدعم، سيتم توضيحها في الربع الثالث من 2017، وذلك ليستطيع الجميع، بكل شفافية، معرفة مدى تحقق الأهداف، وهل الآمال المنعقدة على وزارة الإسكان تم تحقيقها. وقد صرحت الوزارة في أكثر من مناسبة عند بداية تولي الوزير حقيبة الإسكان بأن المليون وحدة سكنية المستهدفة ستبنى خلال خمس سنوات بمتوسط 200 ألف وحدة سكنية سنويا، ولذا مع تبني التقنيات الحديثة في بناء المساكن بشكل أكثر كفاءة، هل يمكن أن تتقلص هذه المدة الزمنية، ويتم بناء هذه المليون وحدة في ثلاث سنوات تقريبا؟ كما أن المواطنين يأملون أن يكون القرض السكني قرضا حسنا كما كان سابقا، بحيث تكون الأولوية حسب الدخل والعمر وعدد الأسرة ووضع أي معايير أخرى تعطي الأولوية للأكثر حاجة واستحقاقا، كما أن الوضع الحالي للتوزيع السكاني يوضح أن أكثر من 60 في المائة من السعوديين متركزين في المدن الكبرى الرئيسة التي لم تلتفت لها وزارة الإسكان من حيث المنتجات السكنية من قطع الأراضي والوحدات السكنية، ولكن ركزت على منتجات التمويل فقط لمدن مثل الرياض وجدة والدمام، مع العلم بأن هذه المدن هي أكثر مدن اكتوت بنار الأسعار الملتهبة لارتفاع أسعار الأراضي والمساكن، ومما يثبت ذلك أن أول نطاقات حددتها برنامج رسوم الأراضي البيضاء كانت في هذه المدن، حيث تم إصدار 1320 فاتورة رسوم لقرابة 387 مليون متر مربع فقط في المرحلة الأولى من الرسوم، وهذا يعني تركز ما يقارب 293 ألف متر مربع لكل مالك، سواء كان فردا أو مؤسسة، والمطلوب من الوزارة في هذه المرحلة المبادرة بالانتقال إلى مراحل رسوم الأراضي التالية وفقا للجدول الزمني الذي يمتد إلى 18 شهرا لكل مرحلة، حتى يزيد المعروض من الأراضي المطورة، وكذلك استغلال الأراضي الحكومية في تلكم المدن الكبرى لزيادة الوحدات السكنية. وبالتالي فإن زيادة المعروض من الأراضي المطورة والوحدات السكنية، سيحقق التوازن المطلوب بين العرض والطلب، وبالتالي تحسن الأسعار بإذن الله بما يتناسب مع دخل أغلبية المواطنين.
الخلاصة، أن الآمال كبيرة والوعود كثيرة والتأخير في إنجازها سيفاقم المشكلة، والتحديات والعقبات في مجال الإسكان ليست بالهينة، فمثلا تقنيات البناء التي يمكن أن تنجز خلال أيام أو أسابيع ستصطدم بقلة توافر الأراضي المطورة ذات البنية التحتية المتكاملة، التي تعد أساسا لأي مشروع سكني، وتحتاج الأراضي الخام إلى سنوات لتطويرها وإيصال الخدمات لها، وهذا سيخفف من أثر سرعة إنجاز البناء، كما أن المضي قدما في ضخ التمويل في السوق دون البدء في إنتاج الوحدات السكنية سيسبب خللا في توازن السوق ويحفز ارتفاع الأسعار بشكل أكبر، وهذا ما لا تحتمله هذه المرحلة، وكذلك من المهم التعجيل بتفعيل الذراع التطويرية للمساكن، والاستثمار في قطاع المساكن بموارد مالية حكومية وبرؤية تنموية وبهوامش ربح معتدلة، سيساعد السوق على التوازن بشكل أسرع.