التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة «1 من 2»
اجتمع أخيرا 15 بلدا من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مدينة الكويت لمناقشة مستقبل التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة في المنطقة.
لماذا يجب أن نهتم بالتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة؟
لا يمكن أن نتجاهل أهمية السنوات الأولى لتنمية الطفل. وتشير الشواهد والدلائل الكثيرة المستخلصة من الدراسات الدقيقة طويلة الأجل إلى أن التعليم عالي الجودة في مرحلة الطفولة المبكرة يعود بفوائد عديدة على الأطفال تؤثر عليهم في مرحلة البلوغ والرشد. وما تحسن الأداء المدرسي، وانخفاض معدلات الرسوب، وانخفاض عدد المتسربين، سوى بعض الأمثلة على مجموعة واسعة من الآثار الإيجابية. علاوة على ذلك، فإن التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة تصاحبه أيضا مسارات اقتصادية أكثر إنتاجية في مرحلة البلوغ والرشد.
وقد أدرك المجتمع الدولي القدرة الاستثنائية للتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة على المساهمة في رفاه الأطفال وكذلك تنمية البلدان، وضمّن ذلك في الأهداف الفرعية للتنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة. وفي الهدف الفرعي رقم 4-22، التزمت البلدان "ضمان أن تتاح لجميع الفتيات والفتيان فرص الحصول على نوعية جيدة من النماء والرعاية في مرحلة الطفولة المبكرة والتعليم قبل الابتدائي حتى يكونوا جاهزين للتعليم الابتدائي بحلول عام 2030".
ما الذي يعنيه ذلك بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؟
لتحقيق هذا الهدف الفرعي الطموح، لا بد أن تبذل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا جهودا هائلة. ويعد معدل الالتحاق الكلي بالتعليم قبل الابتدائي في المنطقة البالغ 29.9 في المائة ثالث أدنى معدل في العالم. ويمثل ثلثي المعدل العالمي (44 في المائة)، ولا يسبق سوى المعدل السائد في إفريقيا جنوب الصحراء "21.9 في المائة" وجنوب آسيا (18.2 في المائة). ومن هذه النسبة، فإن بلوغ الهدف الفرعي رقم 4-2 بحلول عام 2030 سيتطلب من المنطقة زيادة معدل الالتحاق بالتعليم قبل الابتدائي بمعدل خمس نقاط مئوية في المتوسط سنويا. وبطبيعة الحال، فإن هذا المعدل الإجمالي للمنطقة يخفي عدم تجانس واسع في نسب التسجيل في بلدان المنطقة. وفي حين سيحتاج لبنان (84.5 في المائة) والجزائر (79.2 في المائة) إلى توسيع نطاق تغطية التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة إلى قطاع صغير وذي طبيعة محلية نسبيا بحلول عام 2030، سيتعين على معظم بلدان المنطقة زيادة تغطيتها إلى ضعفين أو ثلاثة أضعاف في العقد القادم، وستحتاج جيبوتي (4.7 في المائة) واليمن (1.3 في المائة) إلى تطوير قطاع فرعي بالكامل.
وفي إطار العمل على تعميم تغطية التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، ستواجه المنطقة سؤالين مهمين. يتعلق السؤال الأول بنوعية خدمات التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة. هل برامج التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة في المنطقة ذات جودة عالية وتحقق الفوائد المتوقعة لنتائج تنمية الطفل لتبرير الاستثمار فيها "وتوسيع نطاقها"؟ لا تسمح ندرة مؤشرات تقديم الخدمات ذات الصلة وتقييمات أثر برامج التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة في المنطقة بإجابة قاطعة، ما يجعل مسألة الرصد والتقييم أمرا ذا أولوية عليا في جدول أعمال التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة.
ثانيا، تمثل مسألة تحديد من يتم استهدافه أولا ببرامج التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، أمرا بالغ الأهمية. وفي حين أن أحد الأهداف الرئيسة للتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة هو توفير تكافؤ الفرص لجميع الأطفال، فإن التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يغلب عليه التفاوت بدرجة كبيرة، حيث تحدد الخلفية الأسرية إلى حد كبير ما إذا كان الطفل ستتاح له الفرصة للاستفادة من خدمات التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة. على سبيل المثال، في الضفة الغربية وقطاع غزة، من المرجح أن يحصل الطفل من الخُميس الأغنى من الأسر على ضعف الرعاية والتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة (48 في المائة) مقابل ما يحصل عليه الطفل من الخُميس الأفقر من الأسر (24 في المائة). وفي مصر، من المرجح أن يحصل الطفل من أغنى خميس من الأسر على أكثر من أربعة أضعاف الرعاية والتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة. ويظهر أعلى مستوى من التفاوت وعدم المساواة في تونس، حيث يحصل الطفل الأكثر فقرا على فرصة بنسبة "13 في المائة" والطفل الأكثر غنى على فرصة بنسبة "82 في المائة" من حيث الرعاية والتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة.