هيئة الاتصالات ومجلس المنافسة .. والموافقة على الصفقات «2 من 2»
كان الحديث في المقالة السابقة بمنزلة المقدمة للمسألة محل النقاش في هذه المقالة، وهي موافقتا هيئة الاتصالات ومجلس المنافسة على صفقات الاندماج والاستحواذ، ما يثير الإشكال المتمثل في دور موافقة هيئة الاتصالات علاوة على موافقة مجلس المنافسة، وهل يمثل هذا الإجراء ازدواجا، أم أن هذه الموافقة تعد ضرورية. تبدأ هذه المقالة بعرض مختصر نموذج لأكثر من دولة في التعامل مع صفقات الاندماج والاستحواذ في قطاع الاتصالات.
لو أخذنا على سبيل المثال صفقات الاندماج والاستحواذ عموما في الولايات المتحدة، فإنها تتطلب - في حال تحقق الشروط - موافقة إما وزارة العدل الأمريكية أو هيئة التجارة الفيدرالية. ولغرض التنسيق والترتيب توصل كل من وزارة العدل الأمريكية وهيئة التجارة الفيدرالية إلى مذكرة تفاهم فيما بينهما على آلية معينة لتحديد أي منهما سيتولى مراجعة أو دراسة صفقة الاندماج أو الاستحواذ الجارية. علاوة على موافقة إما وزارة العدل الأمريكية أو هيئة التجارة الفيدرالية، فإنه في حالة كون الاندماج أو الاستحواذ في سوق الاتصالات فإن هذه الصفقة تتطلب موافقة هيئة الاتصالات الفيدرالية.
وعلى الرغم من كون هيئة الاتصالات الفيدرالية تصب دراستها فيما إذا كانت صفقة الاندماج والاستحواذ تصب في المصلحة العامة للسوق، إلا أن وجود الازدواج الإجرائي المتمثل في دراسة الصفقة من قبل سلطتين في الوقت نفسه لا يخلو ولم يخل من انتقادات لأسباب كثيرة.
في المملكة المتحدة على الجانب الآخر لا يوجد قانون خاص يلزم بدراسة الصفقة من قبل سلطة أخرى لصفقة الاندماج والاستحواذ بشكل مفصل بالتزامن مع هيئة المنافسة والأسواق البريطانية باستثناء إذا كانت الصفقة تثير مخاوف متعلقة بالمصلحة العامة فإن الحكومة البريطانية مخولة ضمن نطاق محدود بالتدخل. وبالتالي فإن هيئة المنافسة والأسواق البريطانية تقوم بالتشاور والاستفادة من خبرة مكتب الاتصالات البريطاني "المشابه لهيئة الاتصالات السعودية".
ختاما، فإنه من المقترح إما إسناد جميع ما يتعلق بدراسة طلبات التركز الاقتصادي ـــ بغض النظر عن قطاعها ـــ إلى سلطة واحدة وهي مجلس المنافسة السعودي ويكون دور هيئة الاتصالات السعودية في مساندة مجلس المنافسة فيما يحتاج إليه من خبرة وقاعدة معلومات وتقديم الاستشارة والتوصية لها بخصوص صفقة اندماج أو استحواذ متعلقة بسوق الاتصالات، وإما أن يكون تركيز هيئة الاتصالات السعودية في دراستها للصفقات منحصرا في أهداف لا يتم التركيز عليها في نظام المنافسة السعودي. ومع اعتقادي بوجود خيارات أكثر إلا أن أهم ما يجب وضعه في الاعتبار عند دراسة الخيارات هو أن تكون تلك الخيارات تسهم في تقليل الإجراءات التي ربما تتسم بالتكرار أو تتسبب في تعثر الصفقات أو تزيد في الأعباء الإجرائية المالية على جهات الهيئة والمجلس وعلى الشركات.