Author

السجادة الحمراء في واشنطن

|
طغت زيارة ولي ولي العهد السعودي إلى واشنطن على أبرز أحداث هذا الشهر. على الرغم من أن جولة الملك سلمان بقيت تحت أنظار العالم على مستويات سياسية واقتصادية واجتماعية، إلا أنه يمكن القول إن زيارة واشنطن شكلت الحدث الأبرز سياسيا، لما لها من تطور لافت. لاسيما أن الزيارة التي كانت ستبدو اجتماعا تقليديا تحولت إلى حدث دافئ بين الأمير والرئيس الأمريكي ومجموعة من كبار الإدارة الجديدة. تخللها غداء في الجناح الشرقي في القاعة العائلية، وصور أعطت انطباعا قويا يظهر صورة العلاقات السعودية - الأمريكية العريقة، تلك التي كان قد ظن كثيرون أنها بهتت إلى غير رجعة. وقد أظهرت إدارة ترمب توافقا استراتيجيا بين البلدين، في قضايا أساسية مختلفة منها ملف اليمن وسورية والموقف من إيران كدولة راعية للإرهاب وزعزعة الأمن في المنطقة، وكذلك الحرب على الإرهاب، وبلا شك الاقتصاد والاستثمار بين البلدين. لا شك أن اجتماع ولي ولي العهد شكَّل مادة دسمة لكل وسائل الإعلام الدولية. حتى إن "واشنطن بوست"، الصحيفة الأمريكية التي أفردت عدة تغطيات عن الحدث بعد مواقف سلبية علنية ضد المملكة لسنوات، قالت عن ذلك: ترمب دفع العجلة إلى اتجاه معاكس تماما وفرش السجادة الحمراء للضيف السعودي.. وسعى بدرجة عالية من الالتزام الأمريكي لتحسين ورفع العلاقات الثنائية. كما تناولت وسائل أمريكية أخرى الزيارة بتغطيات لافتة. إلا أن اللافت أيضا هو تراجع حجم النقد الحاد الذي مرت به صورة المملكة في وسائل الإعلام الأمريكية المقربة من إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، حيث كان التسويق بحملة ضخمة للصورة الإيرانية متضمنا في المقابل الهجوم على السعودية، لاسيما بعد توقيع الاتفاق النووي. ولطالما قامت وسائل الإعلام الأمريكية بدور محوري في صنع السياسة الخارجية. والآن مع حدث مثل اجتماع محمد بن سلمان كأول مسؤول عربي خليجي يلتقي دونالد ترمب بعد تسلمه الإدارة، تراجع ذلك النقد المفرط وحلت محله رؤى أكثر توازنا بين النقد والرأي حول شكل العلاقة السعودية - الأمريكية الجديدة. وذلك على الرغم من العداوة المعلنة بين بعض وسائل الإعلام الأمريكية ذات التوجه اليساري الليبرالي والرئيس الأمريكي دونالد ترمب منذ فترة الانتخابات. وبطبيعة الحال، فقد كان للسعودية نصيبها في سجالات الانتخابات الأمريكية والسباق إلى كرسي الرئاسة، وكأن الطريق إلى كرسي الرئاسة الأمريكية يمر بالسعودية. وربما لا يكون على مستوى التنفيذ تماما في الملفات السياسية بحجم التطلعات، فمشروعه الأهم هو اقتصادي. وقد نشرت "نيويورك تايمز"، تقريرا أنه خلال العامين الأخيرين، عنوانه أمريكا والسعودية تطمحان إلى علاقات أكثر دفئا، واصفة السعودية، كما كثير من وسائل الإعلام الأمريكية، بأنها الحليف الأمريكي القديم والأقوى في الشرق الأوسط. كذلك فعلت محطة فوكس نيوز اليمينية، التي تظهر قربا من مواقف إدارة ترمب، وغطت الزيارة بشكل إيجابي واضح. أما CNN فقد وصفت الاجتماع على أعلى مستوى وأن هناك الكثير ليناقش بين الطرفين سوى النفط. لا شك أن العلاقة السعودية الأمريكية تتجاوز مسألة النفط، والأهم أن الزيارة شكلت نقطة تحول في هذه العلاقة التاريخية بما يمكن منها صياغة شكل الإطار الجديد في عهد الإدارة الحالية.
إنشرها