فضيحة «سامسونج» تفاقم أزمة الاقتصاد الكوري
لم تخف الأوساط الاقتصادية في كوريا الجنوبية مشاعر قلقها وصدمتها بعد اعتماد محكمة سيئول الطلب المقدم من المدعي المستقل لاستصدار مذكرة اعتقال في حق وريث "سامسونج" لي جيه يونج، نائب رئيس مجلس إدارة شركة سامسونج للإلكترونيات، فجر الجمعة الماضي، بتهمة تقديم رشوة إلى الرئيسة بارك كون هيه.
ونقلت وكالة الأنباء الكورية الجنوبية "يونهاب"، عن مسؤول في اتحاد كوريا لأرباب العمل، أن شركة سامسونج للإلكترونيات تشكل 11.7 في المائة من إجمالي مبيعات قطاع الصناعات التحويلية، و30 في المائة من إجمالي أرباحه التشغيلية في البلاد، موضحا أن استفحال حالة الغموض وتراجع التصنيف الائتماني الناجمين عن فراغ القيادة في مجموعة سامسونج سيشكلان عبئا كبيرا على الاقتصاد الكوري الجنوبي الذي يعاني صعوبات في الوقت الراهن.
إلى ذلك أعربت جمعية كوريا للتجارة الدولية عن القلق إزاء اعتقال لي جيه يونج، قائلة "إن هناك شكوكا حول ما إذا كانت المحكمة قد أخذت في حسبانها بشكل كاف التأثيرات السلبية لاعتقال لي جيه يونج في اقتصاد البلاد والائتمان الدولي".
وأشار مسؤول في الجمعية، إلى أن الاقتصاد الكوري الجنوبي يواجه مخاطر كبيرة داخليا وخارجيا مثل الانكماش في الصادرات والطلب المحلي، وانتشار سياسة الحمائية، وتصاعد الأزمة الأمنية، معربا عن القلق إزاء تأثيرات سلبية لاعتقال لي جيه يونج في الاقتصاد الكوري الجنوبي.
وكان وريث مجموعة سامسونج الضخمة الذي يتولى رئاستها بحكم الأمر الواقع، قد ظهر أمس مقيد اليدين وموثقا بحبل خلال جلسة استجوابه في مكتب المدعين العامين الخاصين بفضيحة الفساد الواسعة، التي كلفت الرئيسة بارك جيون-هي منصبها.
ومن التهم الموجهة إلى نائب رئيس "سامسونج إلكترونيكس" ونجل رئيس المجموعة لي جاي-يونج "48 عاما"، دفع رشا بلغت نحو 40 مليون دولار إلى صديقة الرئيسة بارك مقابل خدمات سياسية.
ووصل لي إلى مكتب المدعين العامين الخاصين المكلفين بالقضية ولزم الصمت، فيما انهالت عليه الأسئلة من حشد كبير من الصحفيين كان ينتظره أمام المبنى.
وبدا طرف الأصفاد المعدنية تحت كمي بدلته الأنيقة التي حملت على الصدر شارة برقمه في السجن، فيما أوثقت ذراعاه وظهره بحبل أبيض.
ووضع لي جاي يونج منذ أول أمس قيد التوقيف الاحترازي وأمضى ليلته في زنزانة فردية عوضا عن أخرى جماعية في امتياز يخصص للشخصيات المهمة، بحسب الصحف المحلية.
وتتركز الفضيحة المدوية على شوي سون-سيل "40 عاما" صديقة الرئيسة الكورية الجنوبية التي يشتبه في أنها استغلت نفوذها لإجبار المجموعات الصناعية الكبرى على "التبرع" بنحو 70 مليون دولار لمؤسسات مشبوهة تشرف عليها.
وكانت "سامسونج" الأكثر سخاء، فقد دفعت لشوي ملايين الويوروات تحت غطاء تمويل في ألمانيا لتدريبات رياضية لفرسان كوريين جنوبيين بينهم ابنة شوي، في مقابل تلقي المساعدة من قبل الرئيسة بارك لتوريث حق الإدارة للمجموعة بصورة سلسة بما فيه تأييد صندوق المعاشات الوطني للدمج بين شركتي "سامسونج سي آند تي"، و"جيئيل" للصناعات التابعتين لمجموعة سامسونج في عام 2015.
وأشار فريق الدفاع عن وريث "سامسونج" إلى الحاجة إلى اعتقال "لي" نظرا للأدلة الكافية والشهادات الكثيرة التي تثبت تهمته، والمخاوف من إتلاف الأدلة فضلا عن خطورة القضية.
ويقدر صافي ثروة لي البالغ من العمر 48 عاما الذي يرأس أكبر شركة في العالم للهواتف الذكية وشاشات العرض التلفزيوني ورقائق الذاكرة بنحو 6.2 مليار دولار.
ورغم أنه من غير المتوقع أن يعطل احتجاز لي العمليات اليومية في شركات سامسونج التي يديرها مديرون على قدر عال من الاحترافية، يقول مختصون "إن هذا قد يعرقل عملية اتخاذ القرارات الاستراتيجية في أكبر مجموعة شركات في كوريا الجنوبية".
وتمر المجموعة الكورية الجنوبية الأبرز حاليا بعملية إعادة هيكلة لتمهيد السبيل أمام سيطرة لي عليها، بعد عجز أبيه عن إدارة العمل إثر إصابته بأزمة قلبية في 2014.