الاستمتاع بالفشل

أحد الفنون التي نفتقدها نحن العرب عموما والسعوديون خصوصا التي لا تحتاج إلى مهارات ولا ريشة أو قلم فهو نابع من داخلك يظهر أثره في رضاك عما حولك وابتسامة تزين وجهك، إنه فن الاستمتاع بالحياة نقتله بخوفنا من كل شيء حتى الضحكة نتعوذ منها ومن شر ما بعدها.
ولم نكتف بذلك بل اشتهرنا بالتلذذ بالحزن والبؤس والخشية من الفرح ونعتقد أنه لابد أن نشقى ونتعذب حتى في نظرتنا للآخرة نظن أننا لن نسعد فيها إلا إذا شقينا في الدنيا رغم أنه لا يوجد في الدين ولا أقوال السلف ما يدل على ذلك ولا يربط بين الأمرين  
يقول الحق تبارك وتعالى: "مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ".
تطيب الحياة بالعمل الصالح فتطمئن النفس وترتاح وينشرح الصدر، فنستمتع بما منحه الله لنا ولو كان يسيرا.
لقد بلغ الأمر بالبعض إلى تعمد الفشل أو عدم السعي للنجاح والتلذذ بتعذيب الذات. قد يقول البعض إن هذا أمر شخصي وبسيط ولكن في الواقع فقداننا للاستمتاع بالحياة هو أحد أسباب فشلنا وتقدم الغرب.
هناك أسباب كثيرة تدفعنا دفعا لفقدان المتعة بالحياة أشهرها خوفنا من الحسد الذي يمنعنا من الفرح والتحدث بنعم الله علينا ونعزو كل ما يحدث لنا إلى العين والحسد فصورة لطفلة جميلة تؤدي بعض الحركات ترسل لك عبر وسائل التواصل الاجتماعي كفيلة بوصول سيل من الرسائل التي تحذر من احتمالية إصابتها بعين عابرة للقارات وفي الغالب تجد صورتها من الغد طريحة الفراش لإصابتها بالسرطان ودعوة لأهل القلوب الرحيمة لذكر الله. من هنا نتعرف على أكثر أسباب حجب الفرح وفقدان المتعة بالحياة وهو وسائل التواصل الاجتماعي التي يتنافس المشاركون فيها على نقل الأخبار السيئة من قتل وتعذيب وسرقات والأمراض المستعصية أكثر من المفرحة ويضخمون صور ومآسي الحروب والصراعات رغم أن أغلب مناطق تلك البلدان تعيش حياة طبيعية.
هذا غير الرسائل الدينية التي تشعرك أنك قادم من كوكب آخر وكأنك لا تعرف أي شيء عن أمور دينك فتشعر بالذنب والتقصير المستمر. هناك ثقافة عالمية تدعى ثقافة (البوب آرت) أو الفن الشعبي التي تعتمد بشكل كلي على الاستمتاع ولا شيء سواه، فلا الكاتب يكتب لتتعلم ولا يعنيه ذلك والقارئ نفسه يقرأ للمتعة  فقط، ولهذا تنجح الكتب في الخارج وتصبح ضمن "الأكثر مبيعا" وتتحول لأفلام ومسلسلات ناجحة تجلب المليارات. استمتاعك بالحياة لن يقلل من قيمتك ولن تتهم بالحماقه فقط، أملنا كبير في هيئة الترفيه وليتهم يغيرون شعارهم.

 

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي