نظرة فتعاطف

عندما انتشرت صورة عامل يراقب أطقم الذهب في واجهة أحد المحال التجارية، وعليها تعليق غير لائق. اندفع الجميع للتسرية عن خاطر العامل، وأعرب كثيرون عن رغبتهم في تغيير الصورة النمطية التي غلف بها المصور تلك النظرة.
الفكرة التي عمت المتابعين هي أن صاحب التعليق قال أمرا غير مقبول، وأنه لا يقدر النعمة التي يعيش فيها، وأن الأيام دوارة ولهذا فليس من الصحيح أن نركن لها أو نعتقد باستمرار الخير الذي نعيش فيه، أو أن نسخر من الأقل حظا. الواقع أننا في هذه البلاد عشنا قبل عقود سنوات الفقر وهي لا تزال في مخيلة كبار السن، بل تحكم تصرفاتهم من ناحية محاربة التبذير والتفاعل مع المحتاجين.
المشكلة التي نقع فيها اليوم هي بسبب أولئك الذين ولدوا في سنوات الطفرة ولم يعرفوا من أين تأتي الأموال التي ينعمون بها، ويمارسون هوايتهم في صرفها دون تحقيق أو تدبر. هذه النوعية هم الذين يمكن أن نشاهد منهم تعليقات ساخرة على الفقراء والمحتاجين والذين سافروا عن ديارهم وأهاليهم بحثا عن المال الذي يقيمون به حياة من وراءهم.
هنا نعود للمرحلة المهمة في التربية المنزلية، وهي التي تنمي لدى الأبناء والبنات روح المسؤولية والإحساس بالآخر وهي مهملة في أيامنا هذه. إن ربط حياة ومصروف الأبناء والبنات بالتزامات معينة ومعايير تحددها الأسرة أمر مهم، فالصرف دون تدبر أو تدبير، هو بداية المهلكة لهؤلاء الذين سيدخلون يوما ما في حالة من عدم الرضى بسبب عدم قدرتهم على تسيير أمور حياتهم بالبذخ نفسه الذي كانوا يمارسونه في بيوت أسرهم.
إن شكر النعمة يستلزم منا أن ننظر دائما لمن هم دوننا ونتعرف على مآل أقوام كنا نراهم في القمة وهاهم يقبعون في القاع، وليس مهما أن نبرر أو نربط ذلك بأمر أو جزئية محددة في حياتهم، ولكننا يجب أن نعتبر مما عانوه بعد أن كانوا يعيشون الوفرة لعقود وربما لقرون.
يذكرني كل هذا بالحياة التي تعيشها أغلب دول العالم المسماة بالغنية، وهم يقسمون مداخيلهم بين مختلف متطلباتهم ليصلوا إلى معادلة الصرف بناء على الحاجة. هناك ورغم ارتفاع دخل الفرد، لا نرى أبدا ما نراه هنا من الإسراف خصوصا عند الشباب الذين يطلقون مثل هذه العبارات الساخرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي