Author

الحنيني بين الفالوذج والمريس

|
سألني أحد الأصدقاء الباحثين: هل الحنيني هو الفالوذج الذي يذكر كثيرا في كتب التراث والأدب العربي؟ ولم تكن لدي إجابة عن سؤاله. لكني لم أنم تلك الليلة حتى قلبت في مكتبتي أبحث عن هذه المعلومة. ذلك أن الحنيني من الحلويات السعودية الشهيرة، ومن المهم أن نكون على معرفة جيدة بهذه الأكلة وتاريخها وطريقة عملها وكل ما يتعلق بها حتى نتقن صنعها، ونحسن التسويق لها واستثمارها. والمواد الرئيسة في عمل الحنيني قديما هي التمر وقرص البر ويضاف إليهما السمن أو الزبدة، تخلط جميعا وتحرك على النار، على أنه دخل تغيير على هذه الطريقة عند البعض. أما الفالوذج فمن أقدم من وصفه التابعي الشهير الحسن البصري “ت 110هـ”، إذ بلغه أن رجلا يعيب الفالوذج، فتعجب من ذلك وقال “فتات البر بلعاب النحل بخالص السمن، ما عاب هذا مسلم”. ونقل ذلك عنه ابن قتيبة الدينوري في كتابه الرائع والشهير “عيون الأخبار”، وغيره. فالمواد الرئيسة في عمل الفالوذج حسب الوصف السابق هي: البر والعسل والسمن، فيختلف عن الحنيني باستبدال التمر بالعسل. وما أدركت عليه الأوائل أنه لا يمكن أن تسمى الحلوى حنينيا إذا خلا منها التمر، وعليه فالفالوذج يختلف عن الحنيني. لكن هناك حلوى قديمة فيها نوع من الشبه بالحنيني، اسمها المريس، ذكرها كمال الدين بن العديم “588 - 660هـ”، الذي كان يتحدث عن أنواع الحلاوات والمخبوزات وما يجري مجراها، ومن بينها نوع اسمه المريس، ويقول عن طريقة عمله “ينزع التمر من نواه، ويؤخذ لباب خبز كماج، يخرج من المنخل، ويؤخذ شيرج أو زبد طري أو سمن طري أو دهن إلية، على قدر ما يريد الإنسان، يجعل في المقلى، ويرمى فيه التمر حتى ينحل، ثم يرمى فيه اللباب ويحرك تحريكا جيدا، ويذر عليه السكر لتظهر حلاوته، ويلقى عليه فستق محمص مجروش، ويغرف في الصحون”. ورغم وجود بعض الشبه، إلا أنه من الواضح أنها تختلف عن الحنيني، إذ تدخل فيها مواد جديدة كالفستق، والسكر، ولباب الخبز، وليس قرص البر. وللفائدة فمريس ابن العديم يختلف عما نسميه نحن المريس، ويكثر الحديث عنه عند الآباء والأجداد. ومن خلال ما عرض فهناك تشابه من جهة واختلاف من جهة أخرى بين الحلويات الثلاث السابقة، ويبقى الحنيني هو الحنيني عروس الحلويات النجدية.
إنشرها