مختصون غربيون: ترشيد الإنفاق يعيد توزيع الموارد بكفاءة أكثر وينعش الصناعات المحلية

مختصون غربيون: ترشيد الإنفاق يعيد توزيع الموارد بكفاءة أكثر وينعش الصناعات المحلية

اعتبر اقتصاديون غربيون القرارات الصادرة عن مجلس الوزراء السعودي أمس، بتبني خطة ترشيد واسعة النطاق خطوة مهمة على طريق الإصلاح الاقتصادي ورفع كفاءة الأداء للأجهزة الحكومية. متوقعين أن تخفض هذه الإجراءات من نسبة الفاقد الاقتصادي، ما سينعس إيجابا على معدلات النمو المتوقعة خلال الفترة المقبلة. وقالوا في تصريحات لـ "الاقتصادية" إن إجراءات الترشيد جاءت متأخرة مقارنة بنظيراتها من الدول النفطية وحتى الاقتصادات الكبرى الأخرى.
وفي هذا الإطار، قال لـ"الاقتصادية" البروفيسور إيان آرمس؛ أستاذ المالية العامة والاستشاري السابق في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إن "خطة الترشيد السعودية جاءت متأخرة بعض الشيء، في ظل الظروف الاقتصادية التي يمر بها الاقتصاد العالمي ومنطقة الشرق الأوسط تحديدا، فالاقتصاد الدولي يمر بمنعطف خطير، دفع دولا في حجم ألمانيا أكبر اقتصاد أوروبي، وبريطانيا خامس اقتصاد في العالم ناهيك عن فرنسا وإيطاليا واليابان إلى تبني سياسات ترشيد وتقشف جذرية". وأضاف، "أول انعكاسات خطة التقشف إحداث تغيير مهم في الوعي الاقتصادي لدى المواطن السعودي، إذ سيكون هناك فهم أفضل لضرورة المواءمة بين الموارد وسلم الاحتياجات، نمو هذا الوعي شرط أساسي لتبلور سلوك اقتصادي رشيد لدى الفرد والأسرة، وتبلور هذا الوعي يساعد كل من القطاع الخاص والمؤسسات الحكومية على إعادة توزيع الموارد بشكل أكثر كفاءة وأكثر عدالة في الوقت ذاته، بحيث يتم خفض نسبة الفاقد الاقتصادي، وإعادة توجيه ذلك إلى القطاعات الاقتصادية الأشد احتياجا، ما يسهم على الأمد الطويل في خفض تكلفة الإنتاج ورفع مستوى معيشة المواطن السعودي".
إلا أن الدكتورة إيزابيل ليتس؛ أستاذة الصناعات الصغيرة في جامعة، كنت تعتقد أن القرارات الصادرة أخيرا بترشيد الإنفاق ستترك بصمات ملحوظة خلال فترة قصيرة نسبيا على أداء القطاع غير النفطي في السعودية.
وقالت لـ"الاقتصادية"، إن "أحد الجوانب الرئيسة في رؤية 2030 هي إخراج السعودية من دائرة الدول المعتمدة على النفط إلى دائرة الدول ذات الاقتصاد الصناعي المتنوع، وهذا لا يعني التخلي عن القطاع النفطي، حيث ستواصل المملكة تمتعها بمميزات نسبية في هذا المجال، وإنما سيعني هذا إعلاء مساهمة القطاعات الاقتصادية الأخرى وفي مقدمتها القطاع الصناعي في مجمل الناتج المحلي الإجمالي السعودي".
وأشارت إلى أن "سياسة الترشيد إذا بما تتضمنه من تقليص نسبي في النفقات ستؤدي حتما إلى فتح الطريق أمام الصناعات السعودية خاصة الصغيرة منها، لطرح منتجاتها كبديل لعديد من السلع المستوردة من الخارج التي يتم استيرادها حاليا جراء الطلب الفعال الناجم عن ارتفاع المداخيل المحلية، وما يواكب ذلك غالبا من انحياز للسلع مرتفعة السعر، ومن ثم فإن التحولات المتوقعة في الطلب المحلي خلال الفترة المقبلة يمكن أن تؤدي إلى مزيد من الانتعاش للصناعات السعودية".
وأوضحت، أنه "غالبا ما تترافق خطة الترشيد الحكومي مع تركيز على التصنيع بدلا من التجميع، بهدف خفض العجز في الميزانية العامة، وهذا التوجه سيتيح زيادة المنتجات محلية الصنع لتعويض التراجع في السلع المستوردة جراء ارتفاع الأسعار".
لكن التأثير الأكبر المتوقع للقرارات الأخيرة سيتركز وفقا لعدد كبير من المختصين الاقتصاديين في المملكة المتحدة على الميزانية العامة، فالعجز الراهن في الميزانية السعودية يبلغ 367 مليار ريال سعودي، ويتوقع تراجعه جراء سياسة الترشيد الجديدة، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه إلى مزيد من التوازن بين النفقات والموارد، ولا شك أن اقتراب السعودية أكثر من تقليص تلك الفجوة يسمح بجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية. وهنا قال لـ"الاقتصادية" الباحث الاقتصادي سام إيتين، إن "أحد العوامل الرئيسة في تقييم المستثمرين للوضع الاقتصادي لدولة من الدول هو النظر إلى حجم العجز في الميزانية العامة". وأضاف، أن "هذه النظرة إلى حجم العجز باعتباره مؤشرا على قدرة الدولة على مواجهة التحديات الاقتصادية، وتراجع العجز في الميزانية نتيجة سياسة الترشيد، يعطي المزيد من الثقة للمستثمرين، خاصة الدوليين حول تحسن أداء الاقتصاد الوطني خاصة في المستقبل، فانخفاض الدين الحكومي يشجع القطاع الخاص على الاستثمار". فيما أشار البعض إلى أن ترافق سياسات الترشيد السعودية مع عملية إصلاح هيكلي سيساعد على تعزيز معدلات النمو، ورفع معدلات التوظيف على الأمد المتوسط.

الأكثر قراءة