اليوم الوطني .. وتكريس المنجزات

في وسط محيط ملتهب بالصراعات والحروب تحتفل المملكة باليوم الوطني الـ 86 وسط أجواء مفعمة بالفرح والأمن والرخاء والتطور التنموي.
إنها ملحمة فريدة من الوحدة الوطنية والتلاحم النادر بين القيادة والشعب، ومن يستعرض بعض مذكرات المستشرقين أو الرحالة الذين عاصروا الجزيرة العربية قبل توحيدها على يد "الملك عبد العزيز" يجد الأوصاف العجيبة مثل صحراء الشر أو جزيرة الموت، أو أرض الصراعات، وهذه الأوصاف ليس فيها مبالغة.
الفقر، والجفاف، والجهل، وانعدام الموارد، والصراعات القبلية، كانت سائدة ومؤثرة في حياة أبناء الجزيرة في حقبة ما قبل التوحيد.
أما احتفالات اليوم الوطني خلال اليومين الماضيين فكانت طبيعية وعفوية فالشباب والأطفال والنساء ومؤسسات الدولة الأهلية والحكومية في حالة تفاعل ملموس يعبر بصدق عن انتماء أبناء هذه الأرض الطاهرة دون مبالغات، ولا مزايدات، وكل هؤلاء المحتفلين في شرق المملكة وغربها أو جنوبها وشمالها لم يحتفلوا تحت تهديد السلاح أو الخروج تحت الإكراه كما كانت تفعل بعض أجهزة المخابرات العربية، بل القناعة والحب الفطري والوفاء لقيادة عظيمة تبذل كثيرا لراحة شعبها. وفي رأيي أن استثمار هذا التفاعل الشعبي في اليوم الوطني بما يعزز جهود الدولة يعد مطلبا، وكم كنت أتمنى أن يصاحب هذا اليوم تكريم سنوي لرجال الدولة الأوفياء الذين سطروا إنجازات بارزة في المجالات العلمية، والثقافية، والسياسية والعسكرية، ليكون ذلك قدوة للأجيال الشابة التي تكمل مسيرة العطاء والإنجاز.
ولو استثمر اليوم الوطني لتكريم المؤسسات الوطنية الحكومية أو الأهلية التي ترتقي بخدماتها وتكون نموذجا لغيرها فسيكون ذلك أمرا ذا أهمية بالغة في تكريس ثقافة الإنجاز والجودة وقيادة التغيير والتطوير.
أما على مستوى المؤسسات الخاصة فلا بد من إعادة تنشيط مفهوم المسؤولية الاجتماعية ليكون البعد الوطني حاضرا في برامجهم بعيدا عن الأهداف التسويقية المستهلكة، فتكريم شهداء الوطن، ومرابطي الحدود، والتوسع في بناء المدارس ومعاهد التدريب، ومراكز الأحياء، ودور الأيتام، ودعم الجمعيات الخيرية, وغيرها، كلها من أساسيات العمل الوطني الذي يحتاج إلى مساهمات فاعلة من المؤسسات الخاصة لتكمل الدور الحكومي. إننا نملك وطنا عظيما لاتصفه الكلمات فهو مهد الحضارات والإرث التاريخي،
وهو الآن ذو حضور قيادي مؤثر على المستوى العالمي في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والإنسانية، ولا يعرف قيمة هذا الوطن إلا من جرب أن يعيش خارجه، وبقدر عظمة هذا الوطن وتفرده وشموخه يكون أعداؤه وهو أمر فطري في الحياة، فكلما زادت النجاحات كثر الأعداء وزاد المتربصون. وليت شعري أن يعي أبناء الجيل الجديد حجم الأخطار التي تحيط بهم ليكونوا أكثر حذرا مما يستهدف وطنهم. حمى الله وطننا من كل شر وأدام عليه لباس الأمن والرخاء والتطور, وحفظ الله لنا هذه القيادة التي تعمل ليل نهار لنكون بأمن وسعادة ورخاء.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي