تحفيز الأرض من خلال التكسير الهيدروليكي
برزت خلال العقد الماضي طريقة جديدة ومثيرة للجدل لاستخراج الطاقة تعرف باسم التكسير الهيدروليكي، وتصدرت سريعا طرق إنتاج الطاقة في جميع أنحاء العالم. وتتمتع هذه التقنية بإمكانات كبيرة جدا للتطبيق الواسع في المناطق ذات التكوينات الجيولوجية المناسبة، ونتيجة لذلك يحيط بها اهتمام كبير في أجزاء كثيرة من العالم. وقد تم بالفعل استخدام هذه التقنية على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم محققة عائدات طاقة كبيرة على المدى القصير.
وعملية التكسير الهيدروليكي (hydrofracturing) هي تقنية لتحفيز الآبار عبر تكسير الصخور بواسطة السائل المضغوط. وتنطوي العملية على حقن عالي الضغط لسائل التكسير (غالبا ماء يحتوي على الرمل أو كسر السيراميك المعلق بمساعدة عوامل التثخين) في البئر لإيجاد تشققات في التكوينات العميقة للصخور حتى يتدفق من خلالها الغاز الطبيعي، والنفط، والمحلول الملحي بشكل أكثر سهولة.
ومع ذلك فهناك عدد من القيود المفروضة على حدود تطبيق هذه التقنية، لأنها عملية صناعية كثيفة استهلاك المياه، ما يرجح تعارضها مع أنشطة أخرى مثل الزراعة ومختلف الصناعات الأخرى والاستهلاك المنزلي للمياه. كما أنه قد يحدث بعض التلوث بسبب المسائل التنظيمية - وليست الحتمية - المتعلقة بأسس التقنية، فعلى سبيل المثال من المرجح تلوث المياه الجوفية بسبب الإهمال في ممارسات التشغيل.
وينظر إلى هذه التقنية باعتبارها الدواء الشافي لمخاوف توافر الطاقة وأسعارها على الصعيدين المحلي والدولي، وعلى العكس باعتبارها عملية صناعية مضرة وملوثة بيئيا وغير ضرورية على حد سواء. وهناك أيضا عدد من المخاوف البيئية والمخاوف المتعلقة بالسلامة جراء استخدام هذه التقنية. ويوجد عدد من التقارير عن التلوث الناجم عن ممارسات التشغيل غير الآمنة في عدد من المناطق، فضلا عن كثافة الكربون العالية المحتملة والناتجة من الوقود المستهلك في هذه التقنية، مقارنة بمصادر الطاقة المتجددة أو حتى مع طرق استخراج الغاز التقليدية.
وفي الآبار التقليدية يكون النفط/ الغاز محصورا في جيب تحت طبقة من الصخور الصماء، ويلزم ببساطة عمل حفرة خلال هذه الطبقة حتى يمكن ضخ النفط أو الغاز إلى السطح. وحتى وقت قريب نسبيا كان عدم إمكانية الوصول إلى النفط والغاز الصخريين يعني عدم اعتبارهما مصدرا حقيقيا للطاقة إلا أن التكسير الهيدروليكي يستخدم تقنيات جديدة للوصول إليهما.
وباختصار نقول إن قضية "التكسير الهيدروليكي" تلقى حاليا قدرا كبيرا من اهتمام وسائل الإعلام، وينظر إلى هذه التقنية باعتبارها الدواء الشافي لمخاوف توافر الطاقة وأسعارها على الصعيدين المحلي والدولي، وعلى العكس باعتبارها عملية صناعية مضرة وملوثة بيئيا وغير ضرورية على حد سواء. وغالبا ما ينظر أيضا إلى تقنيات الطاقة المتجددة بنفس الطريقة الثنائية المتعارضة؛ إما كدواء شاف من الناحية البيئية أو كحيل لتحقيق الثروات بشكل يضر بالبيئة الطبيعية.
ولكن على الرغم من أن هذه التقنية يمكنها توفير موارد محلية من الغاز، الذي يعد وقودا أقل كثافة كربونية عند إنتاجه بالطرق التقليدية مقارنة بغيره مثل الفحم، إلا أنه عند إنتاجه بتقنية التكسير الهيدروليكي فإن انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة يحتمل أن تساوي بينه وبين الفحم. كما يحتمل أن يؤدي الميثان المتسرب من مواقع التكسير إلى ارتفاع مستويات الأوزون على سطح الأرض، والتي وجد أنها تتسبب في قصور نمو النباتات بما يؤثر في المحاصيل الزراعية.
وفي المقابل، تختلف مصادر الطاقة المتجددة أيضا عن مصادر طاقة الوقود الأحفوري من عدة أوجه:
على سبيل المثال يمكن لمعظم تقنيات الطاقة المتجددة توليد كميات أكبر بكثير من الطاقة الكهربائية في مناطق معينة أكثر من غيرها بسبب عوامل محلية مثل التضاريس، ومستويات هطول الأمطار، وكثافة أشعة الشمس، وغيرها. وتوفر الطاقة الشمسية أكبر إمكانات منتظمة لتوليد الكهرباء (بالتفاوت مع خطوط العرض) وأعظم عائد كهرباء محتمل في أي منطقة.
وقد تم تصميم البنية التحتية الحالية للطاقة لتوليد الطاقة من مصادر الوقود الأحفوري في المقام الأول، وهذا يعني أن عملية التكسير الهيدروليكي يمكنها إكمال طرق توليد الطاقة الحالية بتكلفة إضافية أقل من عديد من تقنيات الطاقة المتجددة، ما يجعلها استثمارا أكثر جاذبية. إلا أن عملية التكسير الهيدروليكي يمكن أن تسبب مشاكل تلوث محلية حادة ولا تقدم سوى القليل جدا لقضية الحد من انبعاثات الكربون، التي تعد أمرا ضروريا لتقليل آثار التغير المناخي الناجم عن الأنشطة البشرية وللوفاء بالتخفيضات المتفق عليها في الانبعاثات في عديد من البلدان.
وفي مسعى المملكة لتلبية احتياجات توليد وتوزيع الطاقة المناسبة والمستدامة، تبرز أهمية قضية "التكسير الهيدروليكي مقابل مصادر الطاقة المتجددة" بكل وضوح. ومن أجل تقييم القضايا المطروحة يجب تحديد المقصود من كل مصطلح مستخدم، ويجب قياس مختلف الفوائد والقيود في إطار سياق الطاقة واسع النطاق.