رجع لي بصري

استأثر المقطع الذي يصور معتمرا وهو يصرخ بفرح "أحمدك يا رب، رجع لي بصري" والناس يقبلونه ويضمونه ويباركون له عودة بصره بمتابعات وتعليقات كثيرة، بدأت بمن أنشأ شرطة السياحة في المملكة، حيث طمأن الناس بأن مدعي عودة بصره كان نصابا ونشالا وقبضت عليه "شرطة السياحة السعودية".
ثم جاءت ردود أفعال من كثير من المتابعين، بعضهم تولى دور شرطة الحرم وأكد أن الجاني في قبضة رجال الأمن، ثم ظهر اليوم تصريح آخر نسب إلى ابن الرجل يقول إنه لم يكن فاقد البصر ولا يحزنون.
أصدقكم أنني لم أعد أتابع تفاصيل قصص كهذه لكثرتها، وليس لفضيلة أو سمو روحاني أو غيره، وإنما لأن التفاصيل تستمر في الظهور ويستمر المدعون في تفسير كل ظاهرة وحادثة تمر علينا، ثم نكتشف في النهاية أنه مشهد مرتب من قبل كما في حال الكاميرا الخفية أو أي برنامج فكاهي آخر.
محاولة جذب الناس بهذه الطريقة الجديدة، فيها كثير من المخاطر، فالبعض يمكن أن يتصرفوا بطريقة عنيفة أو يتبنوا موقفا يضر بمن يحاولون أن يلتقطوا مشهدا "سرياليا"، أو يراقبوا سلوكا معينا، أو حتى يحصلوا على دقائق في السناب أو القنوات الفضائية.
يمكن أن يجذب الحال الكثير من النقاش، خصوصا حين نتحدث عن انتهاك خصوصيات الناس بهذه الطريقة أو التربح بمصائب فئات معينة وهي أمر فيه من المثالب الأخلاقية والاجتماعية الكثير.
صحيح أنه يمكن أن نشجع سلوكا معينا نتمنى وجوده في المجتمع من خلال بعض المشاهد، لكن محاولة التربح وعدم وجود قوانين تحكم استخدام الأشخاص في تمثيل المشاهد المؤلمة أمر يدفعنا لإعادة النظر في كثير مما يحدث بين ظهرانينا الآن.
التطور الذي تعيشه أغلب دول العالم المتقدم في حقوق الإنسان، حيث يسيطر القانون على الكثير من مناحي الحياة وأهمها الحرية الشخصية تجعلنا نطالب بالتريث قبل التوجه لإعداد حملة أو التعامل مع شؤون خاصة لأشخاص قد لا يرغبون في أن يصبحوا قضايا في المجتمع.
تحدثت عن حال الرجل الذي "ادعى" عودة بصره في البداية، لتكون مفتاحا لنقاش أمور أكثر خطرا نشاهدها في عصر القنوات الفضائية وسيطرة وسائل التواصل الاجتماعي ... وعنها الحديث مستمر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي