الجمعية التعاونية لمنتجي الدواجن: نعاني منافسة «المستورد» .. والإغراق امتد لبيض المائدة
أكد عبد الله بن بكر قاضي، رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية لمنتجي الدواجن في السعودية، أن صناعة الدواجن المحلية تواجه منافسة شرسة وغير عادلة من المستورد وإغراق من الدجاج الفرنسي والبرازيلي للسوق.
وقال قاضي في حوار مع "الاقتصادية " إن الإغراق لم يعد مقتصرا على الدواجن فحسب، بل امتد إلى إغراق السوق السعودية ببيض المائدة من تركيا وأوكرانيا.
وتحدث عن واقع صناعة الدواجن في المملكة، لافتا إلى أن أعداد الدجاج اللاحم المنتج في المشاريع المتخصصة 525 ألف طن بحسب الإحصائيات الصادرة عن وزارة الزراعة والمياه والبيئة، مشيرا إلى أن معدل استهلاك الفرد السنوي من الدجاج اللاحم في السعودية نحو 42 كجم.
وأضاف "أما حجم الإنتاج المحلي لبيض المائدة فقد بلغ نحو 3150 مليون بيضة، ومعدل استهلاك الفرد لبيض المائدة نحو 120 بيضة سنويا"، لافتا إلى وجود لجنة في إمارات المناطق بعضوية عدد من الجهات ذات العلاقة تتولى اختيار المواقع الصالحة لإقامة مشاريع الدواجن وفقا للشروط والضوابط المنظمة لذلك.
وكشف عن توجه لمنح تصاريح جديدة للمنتجين من وزارة البيئة والمياه والزراعة، التي قامت بالتعميم على جميع الإدارات العامة لشؤون الزراعة باستقبال طلبات إقامة مشاريع بيض المائدة لاستكمال الإجراءات النظامية لمنح التصاريح". وفيما يلي نص الحوار:
قرار مجلس الوزراء البدء في ترتيبات لدراسة تطوير قطاع إنتاج الدواجن بصورة شاملة .. إلى أين وصلت الدراسة؟
إن قرار مجلس الوزراء المتعلق بتطوير قطاع الإنتاج متطابق مع رؤية المملكة التي أعلن انطلاقها ولي ولي العهد أخيرا من خلال الاستراتيجية التي رفعتها وزارة البيئة والمياه والزراعة للمقام السامي ووافق عليها مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 22 شباط (فبراير)، والموافقة على تشجيع الاستثمار في الدواجن، وبالذات تشجيع صغار المنتجين من خلال الجمعيات التعاونية، وكلفت الوزارة بتشكيل لجان الإمارات والمناطق لتسهيل اختيار المواقع الصالحة. وكل ذلك يهدف إلى تعزيز تموين السوق السعودية من الإنتاج المحلي بزيادة الإنتاج، والمهم جدا أن مجلس الوزراء في القرار الأخير شدد على هذا المجال بالاهتمام بالجمعيات التعاونية لمزارعي الدواجن.
هناك جمعيات أسست في مكة وأبها .. ما علاقتها باللجنة وهل من ازدواجية في الأعمال؟
تأسيس جمعيات جديدة في مختلف مناطق المملكة يعد ظاهرة صحية تفيد القطاع، خصوصا في المدن الصغيرة، وهي بذلك تدعم الجمعية الأم "جمعية منتجي المملكة"، فالجمعيات الصغيرة مهمة لاحتضان المزارعين في المدن والقرى لأنهم يتعاونون فيما بينهم بإدخال تنظيم العمليات الإنتاجية والتوزيع والشراء الجماعي، والتسويق مهم جدا لهم. إضافة إلى الجمعية المقامة في مكة المكرمة، التي تهتم بتنظيم النقل والتوزيع للمزارعين. أما اللجنة فربما تقصد فريق العمل تحت مسمى فريق التطوير، وهذا يعمل تحت مظلة جمعية منتجي المملكة للدواجن، والغرض من تكوينه التعاون ودراسة وبحث المشاكل التي واجهها القطاع أخيرا خلال الشهرين السابقين بشكل جنوني من الإغراق بالدجاج البرازيلي والفرنسي، حيث وصل سعر بيع الكيلو الواحد من الدجاج المستورد إلى خمسة ريالات، وهذا سعر غير معقول ولا يمكن للإنتاج المحلي بلوغ تكلفته. وما حصل في الكساد غير المسبوق لسوق بيض المائدة بسبب قرارات فرض رسوم إعادة الإعانة عند حدود ومنافذ التصدير لدول مجلس التعاون، التي قدرت بشكل مبالغ وغير صحيح، أدى إلى تكدس الإنتاج بخلاف زيادة دخول البيض التركي، ما أدى إلى التسبب في خسائر فادحة للمزارعين قد تسهم في خروجهم من الإنتاج والمنافسة. وأذكر أن هذا الفريق الآن يعد عدة اقتراحات للمسؤولين في الدولة لحماية هذه الصناعة، وهو تحت مظلة جمعية منتجي الدواجن وبالتنسيق الكامل مع رئيس الجمعية وتحت شعار واسم الجمعية، وليس هناك أي ازدواجية. ونتمنى ألا تنتهي مهمة هذا الفريق فقط عند نهاية هذه الأزمة، بل نتمنى أن يلتف جميع المزارعين في مجموعة هذا الفريق للانضمام إلى جمعية منتجي الدواجن التي ترحب بهم في أي وقت. وهذا الفريق له مهمة ينجزها حتى انتهاء هذه الظروف.
أين وصلت صناعة الدواجن في المملكة .. هل وصلت إلى ما تتمنون تحقيقه .. وكم عدد مزارع الدواجن في المملكة؟
تعد صناعة الدواجن من أكثر الصناعات تقنية وتعقيدا، إلا أنها في السعودية حققت في الفترة الأخيرة تطورا ملحوظا، ورغم أنها تواجه عديدا من التهديدات والتحديات، إلا أنها تحاول تحقيق استقرار ملموس في الوضع العام. ويعد قطاع الدواجن من القطاعات المهمة في تأمين نسبة كبيرة من البروتين الحيواني للمواطنين، وتقدر نسبة الاعتماد في التغذية على الدجاج في المملكة كمصدر للبروتين الحيواني بنحو 37 في المائة، ويفوق حجم الاستثمار فيه 45 مليار ريال، وتقدر الإحصائيات الصادرة عن وزارة البيئة والمياه والزراعة بأن عدد مشاريع الدواجن في المملكة يزيد على 600 مشروع ومزرعة تعمل في مجالات عدة لإنتاج الدجاج اللاحم والبياض والأمهات والأعلاف والأدوية واللقاحات والأجهزة والمعدات والخدمات البيطرية.
أما مزارع الدجاج اللاحم في المملكة فيبلغ عددها أكثر من 500 مشروع تنتج نحو 525 مليون دجاجة سنويا، ما يعادل 525 طنا سنويا، ومعدل استهلاك الفرد السنوي من الدجاج اللاحم في العام نحو 42 كجم. وفيما يخص عدد مشاريع دجاج بيض المائدة فيتجاوز أكثر من 105 مشاريع للدجاج البياض تنتج نحو 3.2 مليار بيضة سنويا، وهو ما يعادل 8.8 مليون كرتون بنسبة فائض عن حاجة السوق، محققة بذلك اكتفاء ذاتيا بنسبة 110 في المائة، ويبلغ معدل استهلاك الفرد نحو 140 بيضة سنويا.
لقد تطورت صناعة الدواجن في المملكة بشكل كبير، فالمشاريع المقامة حاليا حديثة وتعتمد على التقنية العالية والمعدات ذات المستوى التقني وتتفوق على كثير من المشاريع الأوروبية والعالمية.
ما أبرز التحديات أمام هذه الصناعة؟
أبرز التحديات أمام هذه الصناعة المنافسة الشرسة وغير العادلة من الدجاج المستورد والإغراق من الدجاج الفرنسي والبرازيلي، والآن جاء الدور على إغراق السوق السعودية من بيض المائدة من تركيا وأوكرانيا. ومن أهم المقترحات كتذليل للمعوقات أن تعمل الجهات الرسمية مثل وزارة البيئة والمياه والزراعة ووزارة المالية وصندوق التنمية الزراعية على مساعدة الجهة التي تخدم قطاع الدواجن والتنسيق والتعاون معها وتقديم الدعم المادي المباشر لفترة السنوات الخمس المقبلة، علاوة على تقديم التسهيلات والقروض من البنك الزراعي كي تتمكن الجمعية من القيام بدورها والإشراف الكامل على قطاع الدواجن وتطويره بما يخدم الصناعة ويحقق الإنتاج عالي الجودة ومضمون المحتوى بتطبيق أنظمة وآليات الجودة ومنح شهادات الجودة والختم على المنتجات، ما يؤكد مطابقتها المعايير العالمية، إلى جانب وضع الخطط القومية لمكافحة الأمراض المستوطنة والقضاء عليها وإنشاء صندوق للكوارث وتدريب الكوادر فنيا وإقامة الندوات وورش العمل والمساهمة في سعودة الوظائف في القطاع، وأخيرا إنشاء المعامل الحديثة وتوفير المشورة البيطرية ومسح الأسواق وتوفير المعلومات والبيانات عن الصناعة.
وإن تبني الجهة المعنية في وزارة التجارة فرض رسوم تعويضية وحماية وقائية مضادة للإغراق على منتجات الشركات المغرقة للسوق لحين صدور نظام الإغراق، حماية للمنتجين المحليين ولصناعة الدواجن في المملكة.
ومن المعوقات أيضا مشاكل الأراضي والاعتراضات في بعض المناطق على قيام هذه المشاريع من قبل بعض الأهالي، وعدم الاهتمام بصغار المزارعين وحل مشاكلهم وتسهيل إجراءات التأشيرات. والدولة - رعاها الله - دعمت صناعة الدواجن وأسست البنك الزراعي (الآن صندوق التنمية الزراعية) ومنحت القروض دون فوائد وبتسهيلات جيدة، إلى جانب منح الإعانة عند التزام المقترض بالسداد، ونأمل أن يستمر ذلك رغم أنه صدرت عدة قرارات من صندوق التنمية الزراعية بشروط جديدة وفرض رسوم عالية على القروض وإلغاء الإعانات مع تباطؤ إجراءات القروض طول فترة الدراسة، وإعادة النظر في بعض قرارات وزارة البيئة والمياه والزراعة وصندوق التنمية الزراعي التي لا تصب في مصلحة الصناعة والقطاع والمزارعين والمشاريع الجديدة، وبالتالي لا تحفزهم على الاستثمار في القطاع.
تبرز بين الحين والآخر مطالبات بحماية صناعة الدواجن في المملكة .. كيف نحمي هذه الصناعة؟
من المهم جدا المساعدة على تذليل المعوقات الإنتاجية، أبرزها: ارتفاع تكلفة مدخلات الإنتاج، وتواضع بعض الكوادر وعدم الإلمام ببعض الجوانب الفنية، واستخدام حظائر مفتوحة وشبه مغلقة لارتفاع تكاليفها في بيئة حارة رطبة، إلى جانب ضعف الدعاية والإعلان، وصعوبة توفر الأدوية، وعدم القدرة على استغلال الطاقة القصوى بسبب الإغراق، وطول مدة التسمين، وانشغال المنتج بعملية التسويق، وكذلك المعوقات التسويقية ومنافسة المنتج المستورد (الإغراق).
ويعد إغراق السوق السعودية بمنتجات الدجاج المجمد المستورد من فرنسا والبرازيل، أكثر هذه المعوقات وأشدها ضررا على المنتجين المحليين، إذ يعاني القطاع منذ سنوات طويلة خسائر جسيمة من جراء سياسة الإغراق التي تمارسها الشركات البرازيلية والفرنسية المصدرة للدجاج المجمد اللاحم للسوق السعودي، وقد تسببت هذه الممارسات الإغراقية في تعطيل قوى السوق وتشويه ظروف المنافسة العادلة في الأسواق المحلية، وما لذلك من آثار تدميرية على المشروعات الوطنية، وانخفاض السعر خلال أوقات معينة بالمواسم، وارتفاع تكاليف النقل من المزرعة للسوق والتجهيز... وغيرها.
كم تستهلك السعودية من الدواجن .. وما حجم الاستيراد من الخارج؟
تستهلك سوق المملكة سنويا ثلاثة مليارات بيضة من إجمالي 3.5 – أربعة مليارات بيضة تنتجها مزارع المملكة، وهذا المليار فائض إنتاج يصدر إلى دول مجلس التعاون خلال فترة الشتاء. أما إنتاج مزارع المملكة من الدجاج اللاحم فلا يتجاوز مع الأسف 55 في المائة من حاجة السوق، حيث يبلغ مليار كيلو سنويا. ورغم أن السعودية تضم شركات عملاقة تعمل في إنتاج الدجاج اللاحم بمواصفات عالية وإنتاج ذي مستوى عال وتعد مخرجاتها من الأفضل والأرقى من ناحية الجودة والنظافة، إلا أن أسعاره تعد رخيصة وفي متناول الجميع بفضل دعم الدولة - رعاها الله - ونتمنى أن يستمر الدعم من جهة استمرار الإعانة والدعم ضد الإغراق من الخارج.
ذكرت في حديثك أن سوق صناعة الدواجن في المملكة تشكو من الإغراق .. حدثنا عن هذه المشكلة؟
يعرف الإغراق بأنه دخول منتجات من بلد إلى آخر بأقل من القيمة العادية للمنتجات المحلية في البلد المستورد الذي يسبب ضررا حقيقيا لصناعة قائمة أو يعوق بشكل ملموس الصناعة المحلية. كما يعرف بأنه بيع سلعة في سوق أجنبي بقيمة (سعر التصدير) أقل من القيمة العادية لها. والقيمة العادية هي سعر المنتج عندما يوجه للاستهلاك في بلد المصدر، وسعر التصدير هو سعر المنتج عندما يوجه للاستهلاك خارج بلد المصدر، وهنا تجب مقارنة سعر التصدير والقيمة العادية عند مستوى البيع نفسه، كما تجب المقارنة بين القيمتين بقدر المستطاع عند الفترة الزمنية نفسها.
ولقد أثبت الدراسات التي أجريت لظاهرة إغراق الدواجن في السعودية سابقا ولاحقا، أن صادرات الشركات الأجنبية من الدجاج المجمد إلى المملكة تعد صادرات إغراقية، وقد عانى قطاع الدواجن في المملكة خسائر جسيمة من جراء سياسة الإغراق التي تمارسها الشركات المصدرة للدجاج اللاحم المجمد إلى السوق السعودي تحت مسميات أصناف مختلفة. والإغراق من منظور منظمة التجارة العالمية هو "تصدير منتجات بلد إلى بلد آخر بقيمة تقل عن تكلفة إنتاجها في البلد المصدر"، وعالجت المادة (6) من الاتفاق الأساسي للجان قضايا الإغراق، حيث نصت على "تعترف الأطراف المتعاقدة أن الإغراق الذي تدخل بموجبه منتجات بلد ما إلى تجارة بلد آخر بأقل من القيمة العادية للمنتجات أمر يجب شجبه إذا كان من شأنه أن يسبب أو يهدد بضرر حقيقي لصناعة قائمة في بلد طرف متعاقد أو يعيق بشكل ملموس إقامة صناعة محلية".
وقد يقوم المصدرون بممارسة الإغراق من خلال بيع منتجاتهم في الأسواق المحلية بأسعار مرتفعة وفي الأسواق الخارجية بأسعار منخفضة. وارتبط الإغراق في كثير من الحالات بدعم الدولة.
وفي سبيل تحليل وحساب هامش الإغراق، قامت جمعية منتجي الدواجن بإعداد دراسات حديثة من مكاتب متخصصة ذات شهرة وسمعة ومصداقية لإثبات إغراق السوق السعودية بمنتجات الدواجن الخارجية، وأعد هذه الدراسة المركز الاستشاري للاستثمار والتمويل، وأثبت تأثير السياسات في إيرادات الدواجن من البرازيل وفرنسا، ومراجعة التعرفة الجمركية والحواجز غير الجمركية على واردات الدواجن.