القانون والحضارة يقضيان على التحرش
إن إصدار نظام خاص بمكافحة التحرش في غاية الأهمية. حيث إن القانون أهم وأنجع علاج حضاري في القضاء على الظواهر السلبية في أي مجتمع، ولكن بشرط أن تكون صياغة القانون فعالة وهيكلته متطورة. وعلى سبيل المثال؛ فإن قانونا أمريكيا وهو قانون التحكم بالجريمة وفرض القانون Violent Crime Control and law Enforcement Act الذي صدر عام 1994 أدى إلى انخفاض العنف والجريمة بمعدل 60 في المائة خلال سنة واحدة فقط حسب تقارير وزارة العدل الأمريكية!
وكذلك الشأن في قضايا التحرش؛ حيث تطورت قوانين منع التحرش بالنساء والأطفال وأصبحت ذات تشعبات تجدها في ثنايا عدة قوانين، كقوانين العمل والتعليم والنظام العام وغيرها، إضافة إلى قوانين منع التحرش نفسها. وبلا شك أن هذه الأساليب المتطورة تسهم بشكل أكثر فاعلية في حماية النساء والأطفال خصوصا في مجتمعنا الذي يعاني انعدام التوازن في ثقافته وأعرافه بين كونه الأكثر محافظة في العالم بلا منافس، وفي الوقت نفسه تجد الكثير من حالات التحرش في الأماكن العامة لدينا، وما بالك بالأماكن الخاصة وأماكن العمل والتعليم التي قد تكون تشتمل على وضع أسوأ بكثير خصوصا مع فقدان نظام بآليات ووسائل حماية متطورة وفعالة كما هو الحال في العالم المتقدم.
ففي بريطانيا مثلا؛ نجد أن التحرش يغطيه عديد من القوانين من جوانب مختلفة، إضافة إلى قانون الحماية من التحرش Protection from Harassment Act 1997، الذي اعتنى بشكل خاص بالتحرش في مكان العمل، ووضح مسؤولية كل طرف تجاه ذلك، وقد يجعل صاحب العمل (المدير أو الرئيس) مسؤولا بشكل مباشر أو غير مباشر في الاعتداء أو التحرش الذي يحصل في منشأته تحت غطاء هذا القانون. كما وصف التحرش بأنه قد يكون عمليا أو لفظيا أو غير لفظي، وعالج كل حالة منها، ووضع عقوبات قد تصل إلى السجن خمس سنوات.
كما أن قانون النظام العام Public Order Act 1986 قد جرّم تلك التصرفات التي يكون فيها اعتداء (أي اعتداء جنسي أو غيره) على آخر، سواء بالتهديد أو الإساءة أو الإهانة، وجعلها موجبة للإيقاف مباشرة ودون إنذار في بعض الحالات، وما أحوجنا لمثل هذا القانون في بلدنا. وهو يفرق في العقوبة بين التحرش أو الاعتداء الذي يكون في مكان عام أو علني أو فيه تشهير، وبين ما يكون بشكل خاص غير معلن. وهناك بعض الحالات التي يغطيها قانون العدالة الجنائية والنظام العام Criminal Justice and Public Order Act 1994.