على منصة التوقيع

في معرض الرياض الدولي للكتاب، تمت دعوتي للتوقيع على قصة الأطفال "نورة والوحش"، وهي من تأليفي، وتحكي قصة فتاة في الثامنة من عمرها، تطلب منها والدتها إحضار بعض الأغراض من البقالة، فتتعرض لمحاولة تحرش من البائع، ثم موقف "نورة" الشجاع في التعامل مع هذا الوحش!
حين جلست على كرسي منصة التوقيع، أقبل الأطفال مع أهاليهم ينظرون بفضول إلى نسخ القصة العديدة الموضوعة بعناية فوق طاولة العرض، وحين يقررون شراءها يهرعون نحوي للتوقيع عليها بفرح طفولي!
من بين هذا الجمهور رأيت طفلة جميلة في السادسة من عمرها، تسحب يد والدتها بقوة ناحية طاولة العرض، التي وضعت فوقها نسخا من القصة، ثم تقف هي وأمها وتندمجان تماما في قراءة القصة، ثم تطلب بإلحاح من والدتها شراءها لها، العجيب أن الأم كانت تشير لطفلتها بإصبعها، وهي تغريها بمحل يبيع لعب قماش، لتصرف ذهن طفلتها!
استقر شكل الأم وطفلتها في ذهني، وبعد انتهاء التوقيع ذهبت إلى محل القهوة في المعرض، فوجدت هذه الأم نفسها مع طفلتها وخادمتها الأنيقة، كان شيء في داخلي يدفعني إلى سؤالها عن سبب ترددها في شراء القصة لطفلتها، لم يكن الأمر مجرد فضول، بل رغبة جامحة لمعرفة كيفية تفكير بعض الأمهات تجاه ظاهرة ما تحدث!
لم يكن بوح الأم لي في تلك القهوة التي تضج بالضوضاء غريبا، فقد شعرت بداخلي أن هناك أمرا تخفيه الأم ويخيفها، تقول "حين كنت في مثل عمر طفلتي تعرضت لأبشع اعتداء جنسي متكرر من أحد أقاربي، الذي كان قادما لزيارتنا، وكان يهددني إن أخبرت أحدا أن "يقتلع عينيَّ"، كان الأمر بشعا ومؤذيا لنفسيتي على مدى مراحل حياتي، وتطلّب مني الأمر 20 عاما بالتمام والكمال إلى أن استطعت التخلص من آثاره، وقد وعدت نفسي أن أحمي أطفالي، ولا أجعلهم يتعرضون لمثل هذه الحادثة المؤلمة، ولذلك لم أشترِ القصة لابنتي، لأنها ليست في حاجة إليها، فأنا ألازمها هي وشقيقها مثل ظليهما، لا يمكن أن يذهبا إلى أي مشوار أو مكان بدوني، ولا أرغب أصلا في أن يعرفا عن التحرش الجنسي".
كانت متطرفة في رؤيتها للموضوع..
ورغم محاولتي للتحاور معها، إلا أنها أبدت عدم رغبتها في ذلك، فاحترمت رغبتها، رغم أن نفسي حدثتني في انتقاد رأيها من أجل طفليها..!

وخزة
يقول ونستون تشرشل "الانتقاد قد لا يكون محببا، لكنه ضروري، لأنه يقوم بنفس وظيفة الألم في جسم الإنسان، وينبهنا إلى أمر غير صحي".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي