لا شيء اسمه مستقبل

يقول الكاتب الإنجليزي توماس كارليل
(ليس علينا أن نتطلع إلى هدف يلوح لنا باهتا على البعد، وإنما علينا أن ننجز ما بين أيدينا من عمل واضح وبين).
مقولة جميلة تحكي واقع كثير من الأشخاص الذين لم يحققوا أهدافهم في حاضرهم، بحجة أنهم يريدون تحقيق أهداف بعيدة المدى لمستقبلهم وفي نهاية الأمر سيفاجأون أنهم "محلك سر"، حيث ستظل أهدافهم كما هي حبرا على ورق!
أين تكمن الإشكالية؟!
الإشكالية مع الأسف تكمن في الفهم التصوري الخاطئ، حيث إن الكثيرين يضعون أهدافا ويحلمون بتحقيقها لكنهم في ظل خوفهم من الفشل أو صعوبة تنفيذها يعلقونها على "شماعة" المستقبل، فنجد مثلا بدينا يعاني سمنة مفرطة باتت تهدد صحته يقول "راح أبدأ ريجيم فيما بعد عشان في المستقبل أكون رشيقا" هذا الهدف المجمد يمنحه أمانا مزيفا فهو يحلم بمستقبل لن يأتي وبصورة ذهنية لن تتحقق، لأنه ببساطة يتجاهل الحاضر الذي يعيشه ويفرض عليه أن يبدأ في اللحظة والتو تحقيق هدفه، ولذلك سيزداد سمنة وأمراضا وسيفقد لذة الاستمتاع بوقته وإنجاز هدف يفخر به وسيشعر بشعور سلبي يطغى على حاضره ويمتد لمستقبله المزعوم لأنه ببساطة لن يحقق شيئا!
وقس على ذلك أيها القارئ الكريم جميع الأحلام المؤجلة والأهداف المجمدة للمستقبل المزعوم، والتي لن تصبح واقعا إلا إن تم البدء بها في الحاضر الذي تعيشه الآن!
لا شيء اسمه مستقبل فهو ليس حاجزا أسمنتيا تقفز فوقه من حاضرك فتهتف ملوحا بيدك: أنا في المستقبل الآن!
لا شيء اسمه مستقبل.. بل هناك مرحلة ستصل - بإذن الله - إليها وهي حصيلة للنتائج المتوقعة بناء على ما تم من تخطيط وعمل وجهد وتنفيذ وإيمان بالإنجازات.
- إعطاؤك مساحات زمنية طويلة للتخطيط ووضع الأهداف تحت ذريعة بنائك للمستقبل سيجعل النتائج مثل "الثياب المهلهلة" لا تستر ولا ترقع..!
- لذلك لا تفقد الاستمتاع بأهدافك وقوة إنجازاتك وأوقات حاضرك الجميلة على أمل أن تعيشها في مستقبلك.. فحتى لو تجاوز عمرك المائة فأنت تعيش حاضرك لا مستقبلك!

وخزة
يقول علي الطنطاوي: "قالوا ادرس البكالوريوس لأجل المستقبل ثم قالوا توظف لأجل المستقبل ثم قالوا تزوج لأجل المستقبل ثم قالوا أنجب لأجل المستقبل وها أنا اليوم أكتب هذا المقال وعمري 77 عاما وما زلت أنتظر هذا المستقبل، المستقبل ما هو إلا خرقة حمراء وضعت على رأس ثور يلحق بها ولن يصلها لأن المستقبل إذا وصلت إليه أصبح حاضرا والحاضر يصبح ماضيا".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي