القدوة لـ "الاقتصادية" : القطاع المالي في السعودية أهمل الاستثمار في الإسكان .. وانخفاض النفط «فرصة» للتغيير

القدوة لـ "الاقتصادية" : القطاع المالي في السعودية أهمل الاستثمار في الإسكان .. وانخفاض النفط «فرصة» للتغيير

تعيين سيدة سعودية رئيسا تنفيذيا في استشارات القطاع المالي في «بي دبليو سي» المملكة العربية السعودية، شكّل سابقة تعد الأولى من نوعها في المملكة، حيث السيدات اعتدن على وظائف مصنفة ضمن قاعدة الوظائف في القطاعات المالية والاستشارية. وعلى الرغم من أن السيدات في السعودية يستحوذن على نصيب مميز في وظائف القطاع المالي والمصرفي وشركات المحاسبة، فالمعتاد رؤيتهن كموظفات خدمة عملاء أو إدخال بيانات، لا رؤيتهن في منصب عضوات مجلس إدارة أو مدير تنفيذي لقطاع مالي في شركات القطاع المالي في السعودية.

هالة القدوة التي تعمل في إحدى شركات البيج فور في السعودية «أكبر 4 شركات استشارات في العالم»، استطاعت بعزيمتها تجسيد اسمها إلى فعل بفضل خبرتها المالية والاستشارية، فعند الحديث معها تصدم من شدة تفاؤلها بوضع العمل النسائي في القطاع المالي السعودي، ورأت هالة القدوة أن القطاع المالي في المملكة أهمل قطاع الإسكان، كما ذهبت إلى رؤية مختلفة عن تأثير انخفاض النفط في الاقتصاد والاستثمار في السعودية، فهي ترى أن في انخفاض النفط فرصا وتحديات جديدة للتغيير وليس خطرا كما يتصوره البعض.

وترفض هالة أن ترى السوق السعودية أكثر صعوبة ومخاطر من غيرها.. إلى تفاصيل الحوار:

كيف ترين مشاركة السعوديات في القطاعات المالية هنا؟ وهل نجحت عملية تمكين السيدات في هذا القطاع؟

نحن جميعا نعرف أن مستوى مشاركة السيدات ليس بالمستوى المطلوب في القطاع المالي، فوجودهن الأكثر في العمل القاعدي، ووجودهن في مجالس الإدارة أو رؤساء الإدارات لا يعكس الطبيعة السكانية والعلمية للسعوديات، لكن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة. فنحن نسير في الاتجاه الصحيح، وهناك كثير من العوامل المساعدة لنجاح السيدات في هذا القطاع المهم. فالانتقال من وظائف القاعدة إلى وظائف إدارية يتطلب تدريبا وتأهيلا، وهذا ما نعمل عليه الآن. وأنا متفائلة بأن المستقبل واعد للسيدات في هذا المجال إذا تفرغن للعمل والاجتهاد، لا للشكوى وندب الحظ من قلة فرص التكافؤ في هذا المجال مع الرجال.

في ظل الأوضاع الاقتصادية المحيطة الآن وأبرزها انخفاض أسعار النفط، كيف ترين المخاطر المالية التي تواجه الشركات والمؤسسات في السعودية؟

عن نفسي أشعر بحيرة لماذا هذا القلق من انخفاض أسعار النفط هذه الفترة وكأنها المرة الأولى التي تحدث، نحن مررنا بانخفاض أسعار النفط منذ 20 عاما منها 12 عاما كان سعر البترول 20 دولارا. في رأيي هو تحد وليس خطرا يواجهنا، والقطاع الخاص قادر على تجاوز هذا الانخفاض وتمويل مشاريع البنية التحتية خاصة أن مؤسسة النقد السعودية نجحت في جعل القطاع المالي أكثر صلابة وكفاءة. فهناك طرق للتمويل بخلاف إيرادات النفط منها السندات والصكوك، وأتوقع أنها فرصة لنفكر في حلول بديلة قد لا نفكر فيها لو استمررنا في مرحلة الطفرة.

هل عدد المصارف مناسب في السعودية؟ أم أن السوق بحاجة إلى مزيد منها سواء المحلية أو العالمية؟

الوضع الآن مختلف، فالمهم ليس عدد المصارف بل نوعها وكفاءتها وقدرتها على التوافق مع التقنية. فلدينا الآن 12 مصرفا محليا و12 فرعا لمصارف أجنبية. وبالطبع السوق تستوعب أكثر لكن المهم من العدد الأساس المتين والقوي للبنى التحتية للمصارف التي تمكنها من الوصول إلى عملاء في مختلف الأماكن دون افتتاح فرع أو مقر فقط من خلال التقنية.

ما تقييمك لفتح الاستثمار الأجنبي المباشر وتأثيره في المنافسة في السعودية؟

بالتأكيد فتح السوق للمستثمر الأجنبي خطوة مهمة ويجعل السوق السعودية أكثر تميزا، وتتمتع بدرجات أعلى من الإفصاح ليبني المستثمر قراره على معلومات وليس تكهنات، كما ستزيد المنافسة بين المستثمرين، وستطور من نشاطات الشركات العالمية، فنحن نقارن اقتصادنا بدول العشرين، وهذا القرار يصب في جعل اقتصادنا منافسا لاقتصادات مجموعة العشرين.

في رأيك، ما أهم المشكلات التي تواجه القطاع المالي في السعودية؟

بشكل عام أنا لا أفضل استخدام كلمة مشكلات بل أميل إلى كلمة رؤى وتحديات، وأهم تحد أننا نتحول إلى زعامة اقتصادات آسيا، كما أن اقتصادات العالم تداخلت، ما يترتب على المصارف رفع قدراتها التحليلية لتواكب هذا التداخل، والآن سقف التوقعات للعملاء ارتفع ولم يعد من الكافي ألا يحتوي كشف الحساب على أخطاء أو التحويل من الحساب بسرعة، فالآن العملاء يتطلعون لتتواءم تكنولوجيا المصارف مع وتيرة التغيير إضافة إلى أن مفهوم المنافسة في السعودية ازداد مع فتح الاستثمار الأجنبي ولم يعد يقتصر على المصارف فقط بل تداخلت القطاعات. وفي رأيي فإن أهم تحد هو العنصر البشري لأنه المورد الحقيقي الذي يستمر ويبقى. فالتدريب يجب أن يكون في قائمة أولويات القطاع المالي.

هل توافقين على أن المشكلات التي تواجه القطاع المالي أكثر من غيرها؟

بالعكس أرى أن الفرص في السوق السعودية أكثر من المخاطر لمن يعرف أن يراها ويستثمرها. وباب الاستثمار مجد لمن يجتهد ويعمل فيه، فمثلا لا يوجد مصرف في السعودية تعثر أو أفلس وهذا يدل على أن المشكلات التي تواجه القطاع المالي أقل، بينما من يرغب في دخول السوق حديثا فهناك صعوبات لكنها معروفة ويتم تذليلها.

في رأيك، هل نجح قطاع الاستشارات في السعودية في خلق فرص وظيفية للشباب والفتيات؟

لقد لمست الجرح هذا. فأحد الأسباب التي جعلتني أترك العمل في القطاع المصرفي وأتجه إلى الاستشارات فأنا لا أؤمن باستشاريي الشنطة، وهدفي بناء الكوادر السعودية في هذا المجال، فنحن لدينا برنامج دوري سنوي لاستقطاب الخريجين من مستوى المنطقة واستوعبنا 250 خريجا منهم 69 سعوديا، نسبة الرجال 92 في المائة، وأرى أن الهدف الذي يجب أن تسعى إليه شركات الاستشارات أن تكون الأكثر أثرا وفائدة في توظيف السعوديين.

هل هناك شراكات مستقبلية تنوين إقامتها أو تأملين القيام بها؟

نحن نقيم شراكات دائما مع الجامعات. ولدينا شراكة خاصة بتمكين المرأة والمسؤولية الاجتماعية، آمل أن نستثمر في مجال الأبحاث التي من المفترض أن تكون موجودة في السوق لملاءمة المخرجات لسوق العمل، وهل هناك دراسات لتحفيز أو تثقيف المستثمر الأجنبي على الاستثمار في السعودية.

ما أهم الفرص الاستثمارية الجديدة التي ترين أن القطاع المالي أهملها؟

في رأيي أن هناك فرصا في القطاع السكني والعقاري، والتركيز على الصناديق السيادية وتنويع مجال الاستثمار بإصدار صكوك جديدة غير الأسهم، وتنويع مجال الاستثمار.

هل السيدات يواجهن تحديات أكثر من الرجال في قطاع الأعمال في السعودية؟

نعم سيدات الأعمال تحدياتهن أكبر. لكن لديهن رؤية وصلابة وقدرة على التحمل أكثر، أكرر رأيي أن المهم ليس أين السيدات ولكن أين سيصلن، وأنا متفائلة بأن الوضع المقبل سيكون أفضل.

حدثينا عن مسيرتك في العمل كرئيس تنفيذي.. هل وجدتِ تقبلا من الرجل السعودي لترأسه امرأة؟

بكل صدق أنا فخورة بأني امرأة سعودية، عملت في السعودية وتحت إدارة سعودية - بفضل الله - وحصلت على كل تشجيع ودعم، وكان هناك تقبل، فالمهم في الإدارة الكفاءة وليس النوع، الآن أنا مديرة كل الموجودين، وفي عملي السابق كنت أترأس 800 موظف بنسبة 90 في المائة رجال و10 في المائة سيدات، وكانت من أروع التجارب، فأنا في عملي كمديرة أعمل كمتخصصة وليس امرأة.

ما التحديات التي واجهتك في عملك؟ وفي رأيك ما سر نجاحك؟

ربما أنني دخلت العمل مصممة على النجاح، ولم أنس أني سعودية في مجتمع له خصوصيته، وكنت حريصة أن أتناغم مع هذه الخصوصية دون إعاقة لنجاحي، وفي رأيي أن أهم تحد واجهني الموازنة بين عملي وكوني أما. فأنا أرفض أن أكون مديرة ناجحة ولكني فاشلة في دوري الأسري سواء كنت أما أو ابنة أو زوجة، وهذا استهلك كثيرا من وقتي.

ما طموحاتك على المستويين الشخصي والعملي؟

طموحي على المستوى الشخصي رضا الوالدين. فما يهمني أن يبارك الله في عمرهما وأن يكون مستقبل ابني مليئا بالفرص التي حظيت بها. أما على الصعيد العملي فأتمنى أن أكون أداة فعالة لخدمة المجتمع وأنجح في صناعة واقع ملموس بالمساهمة من خلال موقعي في تحقيق أولويات التنمية في الوطن.

الأكثر قراءة