إدارة المواجهة في الفرق متعددة الثقافات
في حين يعتبر النقاش والخلاف أمرين ضروريين لتحسين عملية صنع القرار في بعض الثقافات، إلا أنهما قد يُعدان وقاحة مطلقة في ثقافات أخرى. وبالتالي، كيف يمكننا سد تلك الفجوة الثقافية؟
يعلم الجميع أن القليل من المواجهة من وقت إلى آخر قد يكون عاملا بناء، وهذا ما تؤكده أدبيات الأعمال التجارية الكلاسيكية. ففي كتابه المعنون "العوامل الخمسة لخلل العمل الجماعي" على سبيل المثال، يناقش باتريك لينسيوني بإسهاب كيفية تحقيق القدر الصحيح من المواجهة من أجل الوصول إلى الفعالية القصوى للفريق ـــ ويخلص إلى أن الخوف من الخلاف هو إحدى العقبات الرئيسة الخمس لتحقيق النجاح.
ولكن ماذا لو كنت تتحدر من ثقافة تعتبر المواجهة وقاحة مطلقة؟ أو ماذا لو كان فريق عملك يضم أشخاصا من مثل هذه الثقافات؟ في الواقع، لقد أصبحت الفرق التي تضم فقط حملة الجنسية الأمريكية ــــ أو الفرق أحادية الثقافة ذات الجنسية الواحدة ــــ شيئا من الماضي "باستثناء أدبيات الأعمال التجارية الكلاسيكية". ففي دراسة أجرتها أخيرا كلتشر ويزارد، وهي شركة استشارية للتدريب المشترك بين الثقافات، أشار ما مجموعه 63 في المائة من الأفراد المستجيبين الذين تم اختيارهم عشوائيا من الشركات متعددة الجنسيات، إلى أن قرابة النصف من فرقهم كانوا من خارج وطنهم.
وعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية، قمت بإجراء مقابلات مع الرؤساء التنفيذيين من مختلف الدول حول هذه المسألة. ووفقا لأحد الرؤساء التنفيذيين الإندونيسيين، تعتبر المواجهة عملا وقحا وعدوانيا، وتنم عن عدم الاحترام في سياق الثقافة الإندونيسية. ويتم بشدة تجنب تعارض الآراء بشكل علني، ولا سيما في المنتديات الجماعية. ويقول "حتى سؤال الآخرين عن وجهة نظرهم قد يُعدُّ نوعا من المواجهة في ثقافتنا". "لقد كان لدينا اجتماع مع مجموعة من المديرين الفرنسيين من المقر الرئيس للشركة، وأخذوا يسألون كل واحد منا: "ما رأيكم في هذا؟ وكيف ترون هذا؟". في البداية أصبنا بالذهول لمجرد التفكير في إمكانية وضعنا في موقف محرج في اجتماع يضم الكثير من الناس. هذه ليست إلا إهانة"!
والآن تخيل أن عليك قيادة فريق يضم أعضاء فرنسيين وإندونيسيين. كيف ستتعامل معهم؟ وماذا قد يحدث إذا كان هناك عدد كبير من جنسيات أخرى ضمن ذلك الخليط من الناس، مع اختلاف مواقفهم الثقافية من المواجهة؟ حسنا، من الممكن إدارة فريق عالمي، وجني ثمار الخلاف، ولكن عليك أن تتصرف بحذر، وتستخدم الأساليب المقترحة أدناه، وتحترم الثقافات المختلفة في الفريق.
قم بالتمهيد اللازم: في عديد من الثقافات الآسيوية، يكون الغرض الافتراضي من الاجتماع هو وضع طابع رسمي على قرار سبق اتخاذه في الاجتماعات غير الرسمية السابقة. وهذا ما يسمى في اليابانية "نيماواشي" أي وضع الأساس. ويبدو هذا التوجه واقعيا بدرجات مختلفة في الصين، وماليزيا، وكوريا، وتايلاند. وإذا كنت تقود فريقا يضم أعضاء من إحدى تلك الدول، فحاول إجراء مكالمات هاتفية فردية مع كل واحد قبل الاجتماع الرسمي للاستماع إلى الاتفاق الحقيقي.
تَجنب الشخصنة. بدلا من أن تطلب من الناس التعبير عن آرائهم وتحدي أفكار بعضهم البعض في الاجتماع، اطلب من أعضاء الفريق إرسال كل ما لديهم من أفكار إلى طرف ثالث يتم ترشيحه قبل الاجتماع، ويقوم هذا الشخص بإعداد قائمة بالأفكار دون ذكر مقترحيها. وبهذه الطريقة، يمكن للمشاركين مواجهة كل فكرة خلال الاجتماع ــــ دون اللجوء إلى مواجهة صاحبها.
قم بتغيير لغتك. قد تحاول اتباع نصيحة سيان جيلبرايد، مدير أمريكي مقيم في المكسيك، حيث يقول: "لقد تعلمت أخيرا أنه إذا أردت تشجيع الحوار بين أعضاء الفريق، فمن المهم استخدام عبارات مثل "أنا لا أفهم تماما وجهة نظرك"، و"يرجى التوضيح أكثر لماذا تعتقد أنت هذا"، "والامتناع عن قول "أنا أختلف مع هذا" لأن ذلك سينهي الحوار بشكل تام".