مركز التحكيم الرياضي السعودي
في الأعوام القليلة الماضية، بدأ المجتمع الرياضي السعودي يقرأ ويُتابع قرارات وأحكاما قضائية رياضية صادرة عن لجان قضائية مستقلة تم تأسيسها بهدف العدالة والمساواة وتطبيق الأنظمة والقوانين وتحديداً فيما يتعلق بلعبة كرة القدم؛ فهي اللعبة المتابعة إعلامياً بشكل كبير، ويعود الفضل في إنشاء هذه اللجان القضائية وإصدار لوائح الانضباط والأخلاق والاستئناف وغيرها إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" الذي أعطى لنفسه وللاتحادات الأهلية والأعضاء التابعة له، ميزة قانونية وهيبة قضائية لم نشاهدها في أي اتحاد لعبة دولي آخر، بل كان أكثر عدالة حينما جعل أغلبية قراراته تخضع للاستئناف أمام محكمة التحكيم الرياضي في لوزان السويسرية، إضافة إلى السماح للأطراف الرياضية سواء ناديين أو لاعب ونادِ بالذهاب فوراً إلى محكمة التحكيم الرياضي دون استشارته أو أخذ موافقة منه، وترك للطرفين الحرية في ذلك سواءً بوضع شرط للتحكيم في العقد منذ توقيعه أو بوضع مشارطة تحكيم، وهي الاتفاق بين الطرفين وقت حدوث النزاع على اللجوء إلى محكمة التحكيم الرياضي.
ما يُميز محكمة التحكيم الرياضي في لوزان أنها ليست مختصة فقط بلعبة كرة القدم بل هي محكمة تحكيم لكل الألعاب الرياضية، وبالتالي لا يمكن لشخص أن يكون محكماً في قضية للعبة كرة الطائرة مثلاً، إلا إذا كانت لديه الخبرة الكافية لهذه اللعبة ووافقت المحكمة على إدراجه ضمن المحكمين، وعلى هذا الأساس والقياس تتم الأمور في قضايا كرة القدم واليد وغيرها من الألعاب.
ويجب التفرقة هنا بين المُحكم والمحامي فالمُحكم هو بمثابة القاضي الذي سينظر القضية ويتخذ فيها القرار، سواء كان بمفرده أو بوجود محكمين آخرين معه، وتكون قراراتهم نهائية غير قابلة للاستئناف إلا في حالات نادرة جداً، وهو أن يكون قرار محكمة التحكيم في لوزان صادرا بشكل مخالف لنظام التحكيم السويسري؛ فهنا يمكن الطعن والاستئناف أمام المحكمة الفيدرالية السويسرية على قرار محكمة التحكيم.
اليوم.. نحن في السعودية وافق الأمير عبد الله بن مساعد رئيس اللجنة الأولمبية السعودية، على إنشاء مركز التحكيم الرياضي ليكون بمثابة محكمة التحكيم، وبالتالي لجوء أغلبية القرارات الصادرة عن الاتحادات الرياضية بالمملكة إلى هذا المركز بما يسمى (الإجراء الاستئنافي) أو إذا اتفق الأطراف في العقد بينهم على اللجوء إلى مركز التحكيم الرياضي السعودي بما يُسمى (الإجراء العادي) ومن المفترض أن تنتهي أعمال اللجنة التأسيسية لهذا المركز في 25 أيار (مايو) 2016 ليبدأ المركز بعدها أعماله بشكل فعلي.
والأسئلة المطروحة للجنة التأسيسية: هل لدينا الإمكانات لتأهيل محكمين لهذا المركز متخصصين في جميع الألعاب الرياضية؟ وهل لدينا الإمكانات لتأهيل محامين رياضيين متخصصين وليسوا مطلعين فقط على اللوائح؟ وهل في حال صدر قرار من مركز التحكيم مخالف لنظام التحكيم السعودي فإن من حق أحد الأطراف اللجوء إلى محكمة الاستئناف بالقضاء العام، كما ينص عليه النظام في مثل هذه الحالات؟
نتمنى أن يكون الجواب بـ "نعم".