Author

تحفيز قطاع التطوير العقاري لحل مشكلة السكن

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية
مشكلة السكن من القضايا ذات الأولوية في البرنامج الحكومي، حيث إن الأعداد الكبيرة من الشباب الذين يبدأون حياتهم الأسرية يجدون صعوبة في تملك السكن، خصوصا مع الأوضاع الحالية التي زادت فيها تكلفة الأرض والبناء، وبناء عليه بدأت الإجراءات الحكومية تهتم بموضوع السكن بسبب الاهتمام بالمجتمع، ولأنه يحقق الاستقرار للمواطن، وبناء عليه جاء الدعم من مختلف المستويات والدرجات لتحقيق نتائج جيدة في نسبة تملك المواطنين للسكن. في الخبر الذي نقلته صحيفة "الاقتصادية" يوم الأربعاء غرة جمادى الأولى 1437هـ خلال افتتاح ماجد الحقيل وزير الإسكان فعاليات معرض "ريستاتكس جدة العقاري" "قال وزير الإسكان: إن الدولة شجعت الاستثمار في مجال الإسكان وتعزيز دور القطاع الخاص ليكون شريكا مكملا لجهود الحكومة في تحقيق الهدف الأساسي من إنشاء الوزارة، المتمثل في توفير سكن لكل مواطن بسعر مناسب، كما سعت إلى إيجاد توازن بين العرض والطلب، وتحفيز ملاك الأراضي على تطويرها والاستثمار فيها بما يسهم في سد الاحتياج المتزايد للسكن. ووعد وزير الإسكان بالكشف عن مزيد من الحوافز لشركات التطوير العقاري غير المصرفية قريبا لتسريع الجهود من أجل حل أزمة الإسكان، المتمثلة في ضرورة توفير 1.5 مليون وحدة سكنية خلال سبع سنوات". لا شك أن الواقع الحالي لحاجة الأفراد للسكن من الصعب أن يتم حله بالوسائل التقليدية، ولكن لا بد من ابتكار أفكار متعددة ومتنوعة في الخيارات، وتشجيع الجهات ذات العلاقة للإسهام بصورة أكثر فاعلية لتمكن المواطن من الحصول على سكن مناسب. ولعل من أهم الجهات التي يمكن أن تسهم في حل المشكلة شركات التطوير العقاري التي أصبح لدى مجموعة منها خبرة جيدة في تطوير الوحدات السكنية بصور متعددة تلبي احتياج الأفراد وتخفف عنهم مشكلة الانتظار لفترة طويلة للبناء مع قلة الخبرة التي يمكن أن تؤثر في مستوى جودة البناء وقد تزيد في التكلفة عليهم، إلا أن الإشكال فيما يتعلق بشركات التطوير العقاري يكمن في أن هذه الشركات كان لها أثر في ارتفاع أسعار الوحدات السكنية، حيث إنها في الفترة الماضية بسبب عدم الإدارة الجيدة في سياسة تملك الأراضي أسهم ذلك في ارتفاع أسعارها، ولذلك من المهم في حال الاستعانة بالمطورين العقاريين أن تكون هناك ضوابط تحد من تباين الأسعار بصورة كبيرة ولا تشجع الارتفاع في أسعار الأراضي، وعليه يمكن أن يكون هناك ضبط لمسألة تسعير السكن بحسب المدينة بناء على مواصفات ومعايير وجودة وضمانات من المطور. التنوع في الخيارات ينبغي أن يراعي التباين في خيارات الأفراد واختلاف إمكاناتهم، حيث يتمكن الشخص من الحصول على سكن يكفيه تكلفة الإيجار السنوي، ويكفل له الاستقرار ولعائلته في فترة مناسبة من حياته. من الخيارات المهمة مشاركة قطاع التمويل في توفير السكن للمواطن، حيث إن التمويل يمكن أن يعجل بتملك المواطن السكن، وقيمة الربح الذي تأخذه مؤسسات التمويل أقل من قيمة الإيجار السنوي، مع تجنب المستفيد تكلفة التضخم التي تجعل من الأسعار، سواء الإيجار أو الشراء، في ارتفاع بصورة مستمرة، وتشجيع قطاع التمويل يكون بتحفيز وامتيازات للتمويل بغرض السكن ومشاركة القطاع الحكومي في برامج التمويل، وقد يكون ذلك بمشاركة القطاع الحكومي بشكل جزئي أو بدفع قيمة الربح في التمويل إلى حد معين. وتشجيع قطاع التمويل لتوجيه التمويل إلى قطاع الإسكان قد يخفف من حدة ضخ السيولة في التمويل الاستهلاكي الذي يكون له آثار سلبية في كثير من الأحيان على الأفراد، كما أن سياسة كثير من دول العالم في تشجيع تملك الأفراد السكن هي تسهيل مسألة تمويل الأفراد لتملك السكن من خلال مؤسسات التمويل سواء المتخصصة في تمويل المساكن، أو المصارف التجارية. من المهم ألا ينصب اهتمام وزارة الإسكان على المدن الرئيسة مع إغفال المناطق والمدن الصغيرة، حيث إن توزيع الاهتمام قد يحقق نتائج سريعة ومميزة، وقد يشجع البعض على الهجرة المعاكسة إلى مدن تحتاج إلى كوادر وطنية للعمل وتحقيق تنمية فيها، خصوصا مع الانخفاض الكبير في تكلفة تملك المساكن في تلك المناطق، وقد تكون حاجة الأفراد للاهتمام بهم أكبر باعتبار أن الفرص لديهم أقل من الفرص التي قد يتمتع بها سكان المدن الكبرى. الخلاصة أن مسألة السكن من القضايا المهمة للمجتمع وتحظى بعناية القيادة العليا في المملكة، ولا يزال المجتمع ينتظر حلولا متنوعة لمعالجة احتياج شرائح مختلفة من الاحتياجات والإمكانات، وعلى الرغم من أهمية مشاركة جميع أصحاب العلاقة في حل الأزمة، ومنهم المطورون العقاريون، إلا أنه لا بد من الأخذ في الاعتبار أن دعم المطورين العقاريين يجب ألا ينتج عنه تحفيز ارتفاع الأسعار.
إنشرها