زوجة بلا زوج
هي زوجة مكافحة لم تتجاوز الـ 38 عاما، ورغم ذلك يشعر من يراها بأنها قد تجاوزت الـ 70، قسوة المعاناة التي مرت عليها في حياتها تركت أثرا بالغا على شكلها الخارجي.
حين تعرفت عليها في أحد المتنزهات العامة، طلبت مني بإلحاح أن أستمع إليها وأنقل قصتها للقراء؛ لعلها تحدث أثرا في نفس زوج ظالم لزوجته فيعتبر!
تقول تزوجته وأنا في الـ 15 من عمري، ولم يسأل أهلي عن أخلاقه بحكم أنه ابن عمي، في أول شهر بدأ في ضربي، وفي الشهر الثاني حملت بطفلي الأول، ورغم ذلك لم يتوقف عن ضربي، وحين ذهبت لأبي شاكية نهرني فهذا ابن أخيه ولن يقبل عليه شيئا، كان أبي يرى الكدمات على جسدي لكنه كان فقط يأمرني بالصبر "فالحرمة ما لها إلا زوجها"، وصبرت عشر سنوات، إلى أن جاءنا نقل إلى منطقة بعيدة بحكم عمله، وانتقلنا وبدأت مرحلة حالكة السواد في حياتي، فقد تحول زوجي إلى وحش عنيف يضربني ويضرب أطفاله الأربعة، ويمنعني من أي تواصل اجتماعي أو خروج من المنزل أنا وأطفاله فأصبحنا كالمساجين!
اكتشفت أنه مدمن مخدرات وأخبرت أهلي، وطلبت الطلاق لأهرب من هذا الجحيم الذي أعيشه؛ فهددني والدي بأنه لن يستقبلني وأطفالي إن أثرت المشاكل بينه وبين أخيه، فعدت إلى سجني أسحب خلفي أربعة أطفال مذعورين من هذه الحياة التي نتقاسمها!
تم فصله من عمله، وانقطع الراتب وكاد أطفالي يموتون جوعا فاضطررت للعمل "مستخدمة" لأوفر قوت أبنائي، وفي ظل الغلاء لم يكن راتبي يكفي فاضطررت للبيع في "البسطات" وقلبي يرتعد على أطفالي حين أتركهم معه!
أصيب زوجي بجلطة أفقدته ذاكرته تماما، وكذلك بشلل في أطرافه، فأصبحت أرعاه أنا وأبناؤه، لم يكن الأمر سهلا علي فأنا لا أتذكر له موقفا جميلا أو معروفا مؤثرا أو كلمة حلوة تدفعني للقيام برعايته، لكن أهلي أجبروني على ذلك بحجة "الحرمة الطيبة ما تتخلى عن زوجها"!
لقد دفعت ثمن أعراف وتقاليد بالية وأحكام غير إنسانية!
وأعيش الآن على الأمل بأن الله سيعوضني في أبنائي هذا الظلم الذي عشته في حياتي، وأجبرت على عيش تفاصيله بلا رحمة، أما حياتي أنا فقد انتهت!
وخزة
يقول نيلسون مانديلا "ليس حرا من يهان أمامه إنسان ولا يشعر بالإهانة"