حوكمة القطاع العام بتفعيل المراجعة الداخلية

في مقال ماض "العدد 8101" تحدثنا عن أهمية إصلاح القطاع العام من خلال تطبيق نظام الإدارة الرشيدة "الحوكمة" على مؤسسات القطاع العام، للحد من الهدر المالي وتقييم الأداء وفقا للخطط المأمولة من أجل فاعلية أكبر لهذا القطاع الذي يشغل نسبة عالية في التوظيف وتقديم الخدمات للمواطنين. القطاع العام في المملكة يتدخل في كل مناحي الحياة الاقتصادية، المشاريع الوطنية تطرح من خلال القطاع العام، تنظيم وتطوير القطاع الخاص ينبعان من رحم القطاع العام، فإذا كان هذا القطاع غير فعال فبالتأكيد أن أي مخرج سيكون في مستواه أو أقل منه، وهذا ما يتسبب في كثير من الهدر المالي، والضعف في المشاريع، وتأخر الإنجاز والتطوير. لتجنب كل ذلك، ذكرنا في المقال السابق أن "التحول الاقتصادي من نموذج الاعتماد الكلي على منتج وحيد يتعرض لهجمات شرسة من كل الاتجاهات، إلى اقتصاد متنوع ومنتج يتطلب فعليا وجود محفزات ودعم فعال قائم على نظام الحوكمة وهو المرتكز الأساس للإصلاح الاقتصادي في القطاعين العام والخاص".
أحد أهم أدوات الحوكمة تطبيق أنظمة المراجعة الداخلية Internal Audit سواء في القطاع الخاص أو القطاع العام. والحقيقة التي يجب أن نعترف بها أن مستوى المراجعة الداخلية في القطاع الخاص - الشركات المساهمة – يتقدم على القطاع العام بمراحل والسبب ببساطة أن قطاع الشركات يخضع لمتطلبات حوكمة الشركات التي تنظم هذا الجزء بشكل مقبول، إضافة إلى وجود الرغبة الصارمة لدى الملاك في إيجاد أدوات فعالة للرقابة الشاملة وتقييم الأداء وعدم الاكتفاء بالرقابة المالية المتمثلة في الخدمات التي يقدمها المراجع الخارجي. تعرف المراجعة الداخلية وفقا لتعريف الجمعية الدولية للمراجعين الداخليين بأنها "نشاط تأكيدي واستشاري موضوعي ومستقل يهدف إلى تحسين أعمال المنشأة. وتساعد المراجعة الداخلية المنشأة على تحقيق أهدافها من خلال اتباع مدخل منتظم ومنضبط لتقييم وتحسين فاعلية آليات إدارة المخاطر والرقابة والحوكمة".
وفقا لدليل الممارسات الجيدة الدولية لتقويم وتحسين الرقابة الداخلية في المنشآت تقوم الرقابة الداخلية على عدد من المبادئ تشمل:
• دعم أهداف المنشأة. • تحديد الأدوار والمسؤوليات. • تعزيز وترسيخ ثقافة التحفيز. • ربط نظام الرقابة الداخلية بالأداء الفردي. • ضمان توافر المهارات الكافية. • الاستجابة للمخاطر. • التواصل بشكل منتظم. • المتابعة والتقويم. • توفير الشفافية والمساءلة.
وحرصا من الدولة على تحسين بيئة العمل الحكومي وتحقيق فاعلية أكبر فقد صدر قرار مجلس الوزراء ذي الرقم 235 وتاريخ 1425/8/20هـ المنبثق عن التوصيات التي انتهى إليها المشاركون في الندوة التي نظمها ديوان المراقبة العامة حول سبل تعزيز التعاون لتحقيق أهداف المراجعة الشاملة والرقابة على الأداء، الذي تلاه أيضا صدور اللائحة الموحدة لوحدات المراجعة الداخلية في الأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة الصادرة بموجب قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 129 في 1428/4/6هـ (الاقتصادية، 5884 لعام 2009). السؤال المهم هنا: إلى أي مدى وصلت هذه الأداة في تحقيق الأهداف والمبادئ المذكورة أعلاه؟ وإذا كانت لم تطبق كليا أو جزئيا فقد حان الوقت لتفعيلها وإسنادها إلى مكاتب رقابة متخصصة لتوثيق مخرجاتها ضمانا لتفعيل حوكمة جيدة للقطاع العام، كأداة من أدوات الإصلاح الاقتصادي المنشود.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي