مجرد «نائحة مستأجرة»
النائحة المستأجرة هي المرأة التي امتهنت النياحة للتكسب، يتم استئجارها بالمال في المآتم فتأتي إلى أهل الميت وتبدأ في "التبكبك" و"الولولة" وسط النساء لتضفي جوا من الحزن والأسى، وهي عادة سيئة كانت منتشرة في زمن الجاهلية حتى جاء الإسلام وحاصرها حتى اندثرت تدريجيا ولم نعد نشاهدها في المآتم.
في عصرنا الحالي تم إحياء هذه الظاهرة من جديد، وتطورت وغيرت من أساليبها، ولم يتم إحياؤها بين النساء في المآتم فحسب، بل بدأت تنتشر بين السياسيين والإعلاميين، وشرعت بعض الدول في استئجار ساسة وإعلاميين للقيام بدور "النياحة" في ما يخدم قضاياهم واستمالة الرأي العام إليهم. أكبر من يتقمص دور "النائحة المستأجرة" في الوطن العربي هو زعيم الحزب الطائفي في الضاحية الجنوبية في العاصمة اللبنانية المدعو "حسن نصرالله" أو كما يحلو للثوار في سورية تسميته "حسن زميرة"، والتسمية جاءت بعد أن تمدد تزميره نياحة و"ولولة" وتبكبك لاستمالة الرأي العام العربي صوب أسياده "عصابة طهران".
ليس "حسن زميرة" النائحة المستأجرة الوحيدة في الوطن العربي، بل يحيط به كثير من "النائحات المستأجرات" من إعلاميين وساسة ولكنهم بحجم أصغر وفي مقدمتهم الإعلامي عبدالباري عطوان، أو كما يحلو للبعض تسميته بـ "عبدالباري دولار"، والدولار هنا يفسر لنا سبب هذا النياح المستمر الذي يتصاعد أحيانا وينخفض أحيانا أخرى بحسب حجم "الدولار" الممنوح، فكلما زاد العطاء زاد النياح وإن قل تجاوب معه وانخفض.
يستغرب بعض السعوديين هجوم إعلاميين عرب على السعودية واتهامها باتهامات باطلة، وتحميلها كل شيء، والكذب والافتراء عليها، وهذا الاستغراب يجب أن يتبدد عندما نبحر ونتعمق في شؤون "النياحة المستأجرة"، فهؤلاء باعوا ضمائرهم ومبادئهم وأمتهم من أجل المال، ولو أن السعودية نهجت النهج ذاته لوجدتهم ينوحون من أجلنا، ولكن السعودية تربأ بنفسها عن أن تنغمس في هذا المستنقع القذر وتجند "نائحة" أو أكثر.
هؤلاء لا يمثلون أوطانهم أو الشعوب التي ينتمون إليها، هم لا يمثلون إلا أنفسهم ويلهثون خلف المال، ولو أراد من يجندهم مهاجمة أوطانهم لما قالوا لا .. فهم عبدة المال بلا ضمير أو مبدأ، والجميل أمام كل هذا أن المتلقي لم يعد يتعاطف أو يحزن من "نياحهم" بل وجد فيه دعوة للضحك والسخرية لا أكثر.