Author

الاستدامة .. نافذة مطلة على حديقة «التنمية»

|
نعم، هل تحويل "التنمية المستدامة "من مصطلح تتداوله النخبة من الاقتصاديين، إلى "مشروع وطني" يتحدث به ويمارسه الجميع، هو أمر مستحيل؟". الإجابة ببساطة: لا. ليس أمرا مستحيلا، لأن قراءة سريعة لبعض التجارب الآسيوية على وجه التحديد، تعطي أنموذجا حيا، لكيفية تحقيق التحول الاقتصادي من خلال خطة تنموية مستدامة، راعت التكوين الأساسي لعملية التحول (القدرات البشرية، العقلية الحكومية السباقة، الشركات العملاقة) وهي خلطة اقتصادية قادت دولا عديدة لعل من أبرزها: كوريا الجنوبية، التي لم يعد يخلو بيت في السعودية من مركبة أو جهاز متحرك أو كهربائي، عليه ابتسامة عامل كوري جنوبي نشيط. شخصيا، أرى أن نقاط الضعف التي تبرز عند صياغة خطط البناء الاقتصادي وتحديث مفاصله، هي نقاط قوة التنمية المستقبلية. مثلا، لا يمكن أن تبني خطة تنموية وأنت لم تفكر في كيفية تغيير ثقافة "العامل المواطن" في التعامل مع مهنته، ولا يمكن أن يشارك القطاع الخاص في البناء إن لم يشعر بأنه شريك حقيقي وليس مقاولا للمشاريع، كما أن الأنظمة الحكومية لابد لها أن تتناغم مع مفاهيم العولمة الاقتصادية، وتزيل كل الحواجز التي تعرقل قطار التنمية مهما كانت التحديات. أدرك تماما أن هناك من يعتقد بأن "البيروقراطية" هي العائق أمام التنمية، وهي مسألة تبدو سليمة للوهلة الأولى، لكن محاكاة بعوض التجارب العالمية تفرق بين ما اسميه شخصيا "البيرقراطية البليدة" و"البيروقراطية الحميدة" حيث تمارس الأولى تكرار نفسها، بينما تنتقد الثانية أداءها وتعمل على تطويره مع المحافظة على سمة "الهرمية" التي أراها منظمة لهارمونية التغيير والفعل الاقتصادي الخلاق. نحن نعيش في كوكب بات رقميا، لكنه أصبح أكثر تعقيدا في معنى بناء ثقافة التحول لمكونات التنمية المستدامة، وهو ما يتطلب من صانع القرار في أي دولة تسعى للتنافسية أن يعمل كعازف أوركسترا لا يقبل بهامش الخطأ في فرقته مهما كان الثمن. اليوم، أرى أن أصعب تحد نواجهه في بلداننا العربية حين نعمل على خططنا التنموية ليس في نوع وطبيعة ومدة وتكلفة تلك الخطط.. بل: كيف نستطيع العمل كـ "فريق عمل واحد" لتحقيق هدف تنموي تنافسي بين اقتصاديات العالم.
إنشرها