Author

مسؤولية الشركات .. مصابة بضعف النظر

|
في الأسبوع الماضي، قضيت عدة ساعات على الإنترنت أتصفح أقسام المسؤولية الاجتماعية للمنشآت المحلية، وكانت الحصيلة التي خرجت بها: أن برامج المسؤولية الاجتماعية أو (برامج الاستدامة) لتلك الشركات مصابة بضعف النظر، فعين أعمالها المستدامة ترى المسافات البعيدة بسهولة أكثر مما هو قريب منها! وبتعداد سريع لقائمة البرامج المسؤولة، بحسب زعم المواقع الإلكترونية لمنشآت محلية، فهي لا تتعدى الاسهامات الخيرية، وحملات التوعية والتثقيف، وبرامج التدريب، وحملات البيئة، والرعاية الصحية، ودعم الجمعيات الخيرية وقليل جدا من إنشاء أو دعم مراكز الأبحاث، مع الأخذ بعين الاعتبار أن دائرة تأثير تلك الأعمال قفزت مغفلة الفئة ذات التأثير الأكبر في استدامة الأعمال من أصحاب المصلحة وهم (المجتمع المحلي أو المجتمع المجاور للمنشأة). في الواقع إن منطق الاستدامة يأخذك من النقطة ألف إلى النقطة باء وانتهاء بالياء، أي أنه لن تستطيع الوصول إلى النقطة جيم أو حتى تاء، دون العمل على تعزيز العلاقة مع أصحاب المصالح لشركتك، أو Stakeholders، والذين يعرفون على أنهم كل من يؤثر او يتأثر بنشاط الشركة، حيث إن تحديدهم من مستلزمات منهجية البرامج المستدامة. وعلى الرغم من الأهمية التي يشكلونها في إيجاد ميزة تنافسية للمنشآت، إلا أنهم قد يختلفون للشركة ذاتها عند تطبيق برامجها من مجتمع لآخر. حيث إنها في بعض المجتمعات قد تشرك فئات من المجتمع في عملية الإنتاج فتلجأ الشركة إلى إعدادهم للعمل في خطوط الإنتاج. في هذه الحالة ترفع الشركة من القدرة الشرائية لأفراد مجتمعها حتى يتسنى لأفراد ذلك المجتمع استهلاك منتجاتها أو خدماتها. وفي مجتمعات أخرى قد تلجأ الشركة لاتخاذ استراتيجة استدامة مختلفة تضع في عين الاعتبار الاهتمام بالمجتمعات المحلية والتي تعمل بجوارها كأولوية استراتيجية من تحسين الصحة العامة، والتأهيل وخلق الوظائف لتلك الفئة. وكون أصحاب المصالح مؤشرا لقياس قدرة المنشأة على تحقيق أهدافها، كما أنهم الوقود الذي تعمل عليه المنشأة لارتباط المقدرات التنظيمية للمنشآت بتمكينهم، إلا أن "المجتمع المحلي" لدينا يعاني التهميش في برامج الاستدامة للشركات في السعودية على الرغم من حاجة المجتمع لإسهام فعال من القطاع الخاص. المثير للدهشة في واقع الاستدامة محليا، أن تأثير تهميش المجتمعات المحلية يظهر في القطاعات ذات العلاقة الأكثر تفاعلا معهم مثل قطاعات الخدمات والاتصالات والقطاعات الخاصة المهتمة بالصحة. في المقابل، النماذج العالمية للاستدامة في مثل هذه القطاعات، تضع في عين الاعتبار الاهتمام بالمجتمعات المحلية والتي تعمل بجوارها كأولوية استراتيجية، فلا تنطلق برامج التنمية، وتحسين الصحة العامة، والعناية، والتعليم والتثقيف، والتدريب، والسلامة، والأبحاث، وحماية الحقوق، إلا بعد مرورها على عتبات المجتمع المحلي. وعودا على بدء، فإن المسألة القريبة التي لا تراها المنشآت أيضا، أنه مع نمو وعي المجتمع المحلي فسوف تواجه هذه المنشآت بعدم القبول الاجتماعي الذي يأتي من المجتمع المحلي نفسه، وبالتالي فإن محدودية تدفق العمل المربح والمستدام ليست سوى مسألة وقت.
إنشرها