التأديب في عصر الإنترنت

شاهدت مقطعا لطفل يتحدث فيه مع شخص يكبره سنا، كان الطفل يتهكم ويتلفظ بطريقة غير مقبولة. المشكلة أن من نشر المقطع على الموقع هو والد الطفل. وضع مقلق لا بد أن نتعامل معه بمنطقية. كيف رضي الأب بأن يتلفظ ابنه بهذه الطريقة؟ وكيف سمح له بمعاملة من يكبره سنا بازدراء وعدم احترام؟
حافظت الأسرة على قيم معينة من أهمها احترام الكبير، بل كان الأطفال لا يتكلمون في حضرة من يكبرونهم، وهناك أكثر من ذلك في بيئات مجتمعية معينة. مثل هذه القيم لا بد أن تعاد صياغتها لنستعيد بعضا مما فقدناه بسبب توسع الالتزامات وكثرة المؤثرات في الصغار.
يتعرض الطفل إلى كثير من المخاطر في عصر الإنترنت، وليس ببعيد عنا ما انتشر أخيرا من محاولات التأثير في الأطفال من خلال رسائل عن طريق الألعاب الإلكترونية. رسائل تحمل تجييش الفئات العمرية الصغيرة على أسرهم، ومحاولة استدراجهم لتنفيذ أعمال لا يخفى خطرها على المجتمع والأسرة والطفل نفسه.
إن استخدام التقنية كعنصر من عناصر إفساد العلاقات الاجتماعية، والتأثير في النشء، يجب أن يكون حاضراً في بال مسؤولي التربية في مختلف مستوياتها. الأسرة والمسجد والمدرسة، عناصر مهمة في تكوين شخصية الأطفال، وهي مسؤولة عن التعرف على المؤثرات التي يمكن أن تؤدي إلى مخاطر على الصغار والتعامل معها بطريقة تناسب خطرها.
المعلوم أن المكافحة يجب أن تتبنى أساليب مناسبة لمقاومة المخاطر المحتملة. الفكر السلبي يقاوم بالفكر الإيجابي والتوضيح المنطقي للأشياء بما يوضح الأخطاء، ويرشد إلى أخطارها الحاضرة والمستقبلية. بهذه الطريقة نتمكن من تحصين أطفالنا ضد كل محاولات الإساءة والتأزيم والإفساد التي تنتشر هنا وهناك.
على هذا يصبح دور المؤسسات التربوية أكثر أهمية بمن ينتمي إليها من المختصين، وما لديها من إمكانات التعامل مع المؤثرات النفسية والاجتماعية التي يعتمد ناشروها على التقنية. كما أن الآباء والأمهات ملزمون بإيجاد جو إيجابي شفاف، وتوجيه مرن لفكر الطفل وأسلوب تفاعله مع كل ما حوله من المؤثرات، وبناء ثقة تسمح للطفل بالحديث عن كل ما يراه ويسمعه داخل المنزل أو خارجه.
هذه المسؤوليات يجب أن تتحول إلى أعمال إيجابية تسهم في تكوين شخصية سوية للأبناء، ليتحولوا إلى عناصر بناءة، وحماية لمجتمعهم ووطنهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي