وقود «داعش»

ارتبط التنظيم الإرهابي "داعش" ذهنيا لدى البعض بـ "اللحية" أو مظاهر التدين، لدرجة أن البعض من "السذج" وصل به الأمر للمطالبة بتغيير مناهجنا الدينية، أو وقف والحد من حلقات تحفيظ القرآن، وهذا الأمر غير صحيح، فالمتدينون هم أكثر من يحذر من التنظيمات الإرهابية، وهم أكثر من يفرق بين الشهادة والانتحار.
هذا الارتباط الذهني بين التدين والإرهاب لدى البعض، جعل العديد ــ مع الأسف الشديد ــ ينتابهم الخوف عندما يلاحظون أي أثر للتدين على أبنائهم، خاصة عندما يكونون من المراهقين، بالرغم من أن في التدين صلاحا لهم ولأسرهم.
غالبية المنتمين للتنظيمات الإرهابية هم حديثو عهد بالتدين، وكثير منهم ممن تعرضوا لضغوط حياتية ونفسية جعلتهم في حالة عدم اتزان وصيدا ثمينا يمكن إغواؤه وتجنيده بسهولة، بل إن بعضهم ممن مل من حياته وأراد أن يضع حدا لها، ووجد من يقنعه بأن "الحزام الناسف" أفضل وسيلة للتخلص من الحياة والانتقال للجنة حيث "الحور العين".
مثلا "سعد" عضو "داعش" الذي ظهر في مقطع وهو يقتل ابن عمه في جريمة بشعة ومقززة هزت المجتمع السعودي عن بكرة أبيه، كبارا وصغارا ورجالا ونساء، لم يظهر عليه أي من مظاهر التدين ولم ينطق بعبارة واحدة تدل على تدينه، بل إنه لم يستطع أيضا أن يتقن صيغة المبايعة.
كثير من المنخرطين في التنظيمات الإرهابية لم تظهر عليهم مظاهر التدين، وغالبا ما تبدي عائلاتهم استغرابها، عندما تعلم أن ابنها انضم للتنظيم الإرهابي أو أنه نفذ عملية إرهابية، كما يظهره لنا الإعلام في كثير من الحالات على لسان أولياء أمورهم.
علينا مراجعة أفكارنا حول دافع الانخراط في صفوف تلك التنظيمات الإرهابية، التي غالبا ما نربطها بـ "الغلو" في الدين، فما نراه ونلاحظه أن غالبية المنخرطين لم يكونوا من المتدينين كي يغلوا في الدين.
الحرب على "داعش" لا يمكن أن تكون من خلال القوة الأمنية فقط والضربات الاستباقية، بل علينا حماية أبنائنا من الانضمام لها من خلال حل مشكلاتهم والتخفيف من الضغوط الحياتية والنفسية التي يعانيها البعض، كوضع حد لمشكلة البطالة وتوفير الوظيفة المناسبة والمسكن أيضا إن أمكن.

المزيد من الرأي