هل نحن جاهزون للعام الدراسي؟
يتجه هذا الأسبوع الملايين من الطلاب، والطالبات في التعليم العام، والعالي الجامعي، والفني إلى محاضن التربية والتعليم، والجميع يحدوهم الأمل في عام دراسي ناجح.
لكل فرد طموحاته وآماله التي يسعى لتحقيقها، إلا أن السؤال المهم في هذه المناسبة: ماذا أعد الجميع طلاب، وأولياء أمور، ومجتمع ممثلا في مؤسساته المعنية؟
الطلاب، خاصة في التعليم العام، أقل نضجا وخبرة في الحياة، لذا فهم بحاجة للرعاية والاهتمام من قبل الوالدين، وكذا المدارس ممثلة في إداراتها، ومعلميها، والمرشدين، ذلك أن حسن رعايتهم، وتوجيههم، والقرب النفسي منهم، وإتاحة الفرصة لهم للتعبير عن مشاعرهم، وأفكارهم تمكن من الوقوف على مخاوفهم، وطموحاتهم، والمشكلات التي يعانونها، وفي هذا فرصة للمساعدة.
الزمن بتطوره التقني، وتغير نمط الحياة وما جد على الناس في أساليب المعيشة، أحدث انقلابا واضحا في العلاقات حتى أن الابن ربما في كثير من الأحيان يثق بالأصدقاء، والأصحاب أكثر من ثقته بوالديه، وإخوانه، وهنا مكمن الخطر، إذ يتلقى النصائح، والتوجيهات منهم ولا يكون للأسرة تأثير عليه.
المدرسة والجامعة والمعهد ليست مكانا لنقل المعرفة والعلوم من الأستاذ إلى طلابه فقط، بل إن القيم الجامعة لأبناء المجتمع كافة هي ما يجب أن يرسخ لدى الناشئة حتى لا نفاجأ بصراع أجيال ومكونات اجتماعية شاذة تحدث في المجتمع الكثير من التشوهات والخلل وتفقد المجتمع السكينة والطمأنينة.
أولياء الأمور والأسرة عموما بحاجة لتكون على وعي ودراية وقرب من أبنائها فإذا كانت حريصة على توفير الطعام والكساء، وهذا واجبها، إلا أن مسؤوليتها لا تقف عند هذا الحد فالرعاية النفسية والقرب اليومي والنقاش المستمر مع الابن أو الابنة لمعرفة الأحوال والمشاعر والوضع الدراسي أمر لا بد منه، فمتى افتقد الابن اهتمام أسرته سيجد من يهتم به خارج محيط الأسرة ومن ثم يبدأ مشوار الانحراف الفكري والنفسي والسلوكي. ولعلي استشهد بحالة مرت علي عندما كنت عميدا لكلية التربية في جامعة الملك سعود إذ راجعني أحد أولياء الأمور ليحول ابنه من كلية التربية إلى كلية أخرى لأتفاجأ أن الابن ليس في كلية التربية بل في كلية أخرى ولا يعلم الأب بذلك رغم أن الأب متعلم ومن ذوي الحضور الاجتماعي، ما يؤكد افتقاد التواصل بين الأب وابنه.
ما زلت أرى أن مدارسنا فيها الكثير من عوامل النفور وأولها البيئة المدرسية الجافة في حركتها لميلها إلى الروتين في الأنشطة، وقلة التجديد، وعدم اقترابها من المجتمع في احتياجاته وأوضاعه، وهذا من شأنه جعل المعرفة جافة لعدم ارتباطها بالواقع المعاش وعدم ملامستها احتياجات الناس ومشاكلهم اليومية وبذا تكون معرفة لا يتم ربطها بالواقع منفرة وتتحول المدرسة إلى كابوس لأن الفرد لا يجد ذاته التي يبحث عنها ويحاول اكتشافها، كما أن افتقاد الحس التربوي واللطف في التعامل من قبل الهيئة التعليمية يزيد الطينة بلة لدى البعض.
نقرأ في الصحف تصريحات المسؤولين سواء في الإدارة العليا أو من هم في الميدان بأنهم على أتم الاستعداد والجاهزية لاستقبال الطلاب وهذا شيء جميل ومفرح ويبعث على الطمأنينة إلا أنه في السنوات الماضية رأينا هذه التصريحات، إلا أننا نفاجأ بخلاف ذلك فالفصول تزداد في أعداد الطلاب خلافا للأسس التربوية، والكتب الدراسية يتأخر وصولها لأيدي الطلاب، كما أن نقص المعلمين في بعض المدارس تكثر شكوى أولياء الأمور والطلاب منه، وهذا خلاف لمفهوم الاستعداد الذي يجب أن يتحقق.
ما إن يبدأ العام الدراسي إلا وتبدأ إعلانات بعض الإدارات التعليمية في بعض المناطق عن حاجتها لاستئجار مبنى ليكون بديلا عن مدرسة قائمة لاكتشاف خلل في المدرسة ما يجعلها غير مؤهلة للاستخدام، وهذا مؤشر على وجود خلل في مفهوم الاستعداد الذي يصرح به المسؤولون، وهذا يتطلب إيجاد مؤشرات واضحة ودقيقة لمفهوم الاستعداد في جميع عناصر العملية التعليمية من عناصر تنظيمية وبشرية ومادية حتى نتجنب ونجنب أبناءنا الآثار السلبية لهذه الممارسات الخاطئة.