الملك .. القائد الأعلى للقطاع الصحي

لطالما التقى خادم الحرمين الشريفين، منسوبي القطاعات المختلفة، وعادة ما تأتي هذه اللقاءات من خلال رعاية المؤتمرات المختلفة واللقاءات العلمية، لكن لقاء الملك مع المسؤولين عن القطاع الصحي خلال الأسبوع الماضي في قصر اليمامة يأتي في ظل ظروف استثنائية، ويحمل معاني خاصة. فهناك على الحد الجنوبي يقف جنودنا البواسل، وقد يتعرضون لأي حادث عرضي أو متعمد من قبل العابثين الحوثيين في اليمن، لذا فإن هذا اللقاء يؤكد اهتمام الملك سلمان بجاهزية هذا القطاع من رأس الهرم حتى أبعد نقطة هيكلية فيه، كما أن في ذلك إشارة واضحة إلى أن الملك وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة في البلاد، وبأمره تأتمر، يؤكد أيضا أنه المسؤول الأعلى عن جميع القطاعات، وفي هذا الوقت بالذات يجب أن يعمل الجميع بتناغم وتوازٍ كامل. لا مجال للتهرب من المسؤوليات مهما كانت الحجج، فهذا خادم الحرمين بنفسه يشرف على عمل جميع القطاعات، ويتأكد بنفسه من العمل وتناغمه.
لقد جاء اللقاء المهم في ذروة إنجازات هذا القطاع، فغني عن القول إن المملكة أنفقت المليارات لتطوير القطاع الصحي، ولا توجد اليوم مدينة بلا مستشفى مجهز بأحدث تقنية. وأنجزت وزارة الصحة في هذا العهد الزاهر الميمون عديدا من المشاريع الصحية، توزعت بين مدن طبية ومستشفيات وأبراج طبية ومراكز طبية متخصصة، وغطت جميع مناطق المملكة ومحافظاتها، ويصل عدد الأسرّة إلى 40 ألف سرير في نهاية عام 1434هـ، ويجري تنفيذ عدد من المستشفيات تتسع لأكثر من ثلاثة آلاف سرير، ومن المتوقع أن يصل إجمالي عدد الأسرّة بنهاية الخطة الاستراتيجية عام 1440هـ، إلى نحو 73 ألف سرير، إضافة إلى أن مراكز الرعاية الصحية الأولية بلغت حتى عام 1435هـ 2259 مركزا صحيا. عدد الأطباء في المستشفيات بأنواعها في المملكة العربية السعودية تجاوز 71 ألف طبيب وطبيبة، منهم 17 ألف طبيب سعودي وطبيبة سعودية، هذا إضافة إلى كادر ضخم من الأطباء المساعدين والكادر التمريضي. وفي هذا كله تتحمل الحكومة السعودية حاليا عبء تمويل الجزء الأكبر من النفقات الصحية في المملكة، فيما لا تتجاوز مساهمة القطاع الخاص 25 في المائة.
لكن لا بد من الاعتراف بأن القطاع الصحي عانى أيضا في السنوات الماضية، عدم الاستقرار في أعلى هرمه لأسباب مختلفة، وجاء ذلك في وقت كان القطاع الصحي بعمومه يواجه نقدا حادا من المجتمع؛ بسبب تطور عدد الإصابات بفيروس كورونا الخطير، والاتهامات التي وُجهت لسوء مستويات وإجراءات الحماية من العدوى داخل المستشفيات وبين الكادر الطبي نفسه، كما حدث كثير من الأخطاء الطبية في عديد من المستشفيات بتنوع تخصصاتها، أخطاء تسببت في وفيات، لهذا كله فإن المجتمع بات يشعر بحاجة القطاع الصحي إلى كثير من الجهد لتطوير إجراءات العمل فيه، ودرجة الالتزام والانضباط بين كادره، وكذلك إجراءات ضبط الجودة، وتجاوز المستشفيات حالة الارتباك الراهنة.
لقد كانت الدولة معطاءة جدا في هذا الجانب المهم من حياة ورفاهة الإنسان السعودي، فلا يتحمل المواطن أعباء العلاج، حتى في حالة عدم توافر السرير في المستشفيات الحكومية، فإن الدولة تتكفل بالعلاج في المستشفيات الخاصة، بل في الخارج إذا لزم الأمر، وتتكفل أيضا بنفقات السفر والمرافقين في حالة التحويل إلى المستشفيات التخصصية إذا لم يتوافر العلاج الكافي في المدينة التي فيها المريض. كل هذا الدعم يضع حملا كبيرا من المسؤولية على جميع العاملين في هذا القطاع، فلم تدخر الدولة جهدا، فعليهم استشعار هذا، وقيام كلٍّ بما يجب عليه كواجب وطني وأمانة قبل أن يكون عمل وظيفة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي