كم شخصا يعيشون داخلك؟

نكذب حينما نقول إن لنا وجها واحدا فقط، ونفخر بذلك ونعيب على الشخص المتقلب ونسميه أبا وجهين. هذه الصفة قد تكون مدحا من حيث أردنا ذمه، فأنت لك أكثر من 14 وجها أو شخصية! أنت عبارة عن مجموعة من الأفكار والتصرفات والمشاعر والقرارات التي تحدد هويتك في النهاية، وتعطي الناس فكرة عن عدد الوجوه التي تعيش بها.
يرجع أبقراط تقلب شخصيتك والاختلاف بين البشر إلى اختلاف نسب الأخلاط الأربعة أو السوائل الحيوية في جسمك وهي "الدم والمادة الصفراء والبلغم والمادة السوداء". اعتقد أبقراط أن الشخص الذي تكون نسبة الدم لديه أعلى، أي "الشخصية الدموية"، يكون متفائلا ومحبا للمغامرة بعكس "الشخصية البلغمية" التي تكون غير مبالية وكسولة. وجاء بعده أرسطو ليفسرها حسب قسمات الوجه والبناء الجسماني؛ فالشخص النحيل لديه هو إنسان خجول وهكذا!
ومعرفتك لأنواع الشخصيات المختلفة تمكنك من فهم نفسك ومعرفة من حولك وتحسّن علاقاتك مع الآخرين، فكم من العلاقات الإنسانية والزوجية والعملية فشلت لأننا نريد من حولنا نسخه واحدة ونتعامل بطبيعتنا لا بما تفرضه علينا طبيعة الشخص أمامنا، فلكل نوع طريقه للتعامل والعيش بسلام معه. وأجمع علماء النفس على أن هناك أكثر من شخص في الجسد الواحد، ما يغلب على مشاعرك وتصرفاتك هو أنت من كل هذه الشخصيات التي تعيش داخلك!
ومن أشهر هذه الشخصيات "الشخصية السيكوباتية"، قد تستغرب حين تسمع عن أناس تقتل وتعذب بدم بارد، ولكن إذا عرفت أن هذا من طبيعتهم وأن أصحاب هذه الشخصية لا يشعرون بالذنب حين يعذبون الآخرين، لذا كانوا في روسيا القديمة يختارون السجانين من هذه الشخصية.
نوع آخر قد تكون حياته صعبة وقد لا يوفق في زواجه وتتعب معه زوجته، فهي تشعر دائما أنه لا يحبها لأن هذا "الشخص الفصامي" بارد المشاعر منطو، ليس خجلا، بل حبا في العزلة، وهذا الشخص يقاس بأفعاله لا بكلماته! أما "الشخصية شبه الفصامية" فصاحبها غريب الأطوار لا يتنبأ بما يفعل، يقوم بحركات لا إراديه لا تتناسب مع وضعه ولا علمه، لديه تفكير أسطوري، لذا تجد أغلب الفلاسفة من هذا النوع!
كثيرا ما نتساءل عن أشخاص تتقلب مشاعرهم تجاهنا، فيوم تجده مرحبا بك باشا برؤيتك أنت في نظره ملاك، وغدا يعاديك ويعدك شيطانا رجيما دون سبب، هذا الشخص المزاجي هو صاحب "الشخصية الحدية". وهناك المازوخي والسادي والشكاك والنرجسي والاعتمادي والإدماني!
فهل نحن فعلا نمتلك عدة شخصيات منذ ولادتنا تبعا لصفات وراثية نحملها، أم أن كل البشر لهم صفات واحدة تختلف مع مرور الزمن حسب البيئة والتربية والعوامل التي تحيط بنا والظروف التي نمر بها، أم كلاهما؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي