مخاوف بشأن مستقبل الاقتصاد السويسري بعد تحرير الفرنك من ربقة اليورو

مخاوف بشأن مستقبل الاقتصاد السويسري بعد تحرير الفرنك من ربقة اليورو

يتردد المحللون الماليون، والصحافة السويسرية بين سوء الفهم والذهول في أعقاب إلغاء البنك المركزي السويسري بشكل مفاجئ معدل الحد الأدنى الثابت لتبادل سعر اليورو مقابل الفرنك المتبع منذ 40 شهراً منذ أيلول (سبتمبر) 2011.
فيما يرى "يو بي إس" أكبر المصارف السويسرية أن له رأيا واضحا، حيث يقدر أن مؤسسات التصدير ستخسر نحو خمسة مليارات فرنك (5.75 مليار دولار)، أما، توماس جوردان، رئيس المصرف المركزي فقد اعتبر عنصر المفاجأة ضرورياً في مثل هذه الحالات.
بينما رأت الصحف السويسرية كافة أن القرار يشكل خطرا كبيرا على الاقتصاد، وأنه ترك عديداً من الأسئلة لم تحل بعد، فقد ذكرت صحيفة "لو ماتان" أن إعلان البنك المركزي وقف دعمه لسعر صرف ثابت لليورو، ترك أثراً يوازي تسديد ضربة في منطقة الكبد، لتقطع بذلك تنفس الاقتصاد، مضيفة أن ثلاث سنوات من اليقين تبخرت في ساعة.
وحسب صحيفة "كوتيديان جوراسيان"، فإن رفع السد في وجه أوروبا غير القادرة على إنعاش اقتصادها ليست بالخطوة الحكيمة، وقالت الصحيفة ذات التوجه المؤيد للانضمام إلى أوروبا أن البنك المركزي اختار تغيير مساره في لحظة صعبة تواجهها أوروبا، لكن نغمة جرس مختلفة عزفتها صحيفة "لا ليبرته" ذات التوجه اليميني، التي رأت أن البنك المركزي قد تعب، بل تململ من السلطات الأوروبية غير القادرة على التغلب على أزمة اليورو، وأثنت الصحيفة في الوقت ذاته على قرار البنك.
وقالت صحيفة "فانت كاتر إير" أنه كان ينبغي على البنك المركزي قطع التوصيلة الكهربائية التي تدعم اليورو بعد أن أصبح هذا الإجراء خطراً على مر الزمن، وأشارت صحيفة "لا جفي" أن سياسة أخذ الأموال من كفة الفرنك ووضعها في كفة اليورو إلى ما لا نهاية تحول أخيرا إلى أمر ميؤوس منه بسبب المخاطر التضخمية، وأضافت هذه الصحيفة الاقتصادية، أن المهمة الأولى للبنك المركزي تبقى في تحقيق استقرار الأسعار.
ولاحظت "تريبيون دو جنيف" أن احتياطات البنك المركزي قد تضاعفت عشرة أضعاف في أربع سنوات، وستستمر المزايدة، بقول الصحيفة إن هناك استسلاماً من المصرف في وجه المضاربين في العملات.
ووافق صحيفة "لو ماتان" أغلب الصحف الأخرى بأن القرار قد أفقد البنك المركزي بعض مصداقيته، ووضعت شكوكاً حول صحة قرار البنك، وفي حديثها عن هذا التصرف غير الطبيعي للبنك المركزي" في إشارة إلى الإعلان المفاجئ في إلغاء سعر الحد الأدنى من الصرف الثابت للعملة الأوروبية"، تساءلت صحيفة "لو تون"، أكبر الصحف السويسرية الناطقة بالفرنسية، ما إذا كان قرار البنك ينم عن سذاجة، وإن لم يكن البنك قد نسى دوره الرئيس في تحقيق استقرار السوق والاقتصاد.
وقالت الصحيفة إن القسوة في الإعلان المفاجئ يحمل في طياته أضراراً، ليس للمصرف فحسب، بل للاقتصاد أيضا، مضيفة أنه سيتعين على الشركات العثور على أكثر من وسيلة من أجل الصمود أمام منافسة المنتجات الأجنبية الأخرى الأرخص، وتساءلت كيف ستتمكن شركات التصدير من التعامل مع فرنك وصل إلى هذه الدرجة من القوة؟
وقبل ثلاثة أيام فقط من افتتاح المعرض الدولي لشركات الساعات السويسرية الفاخرة في جنيف، قالت صحيفة "الإكسبريس" إن أسعار الساعات سترتفع بنسبة 15 في المائة، وهو ما يُمثل ضربة للشركات.
أما صحيفة "لا مبراسيال" التي تصدر في مقاطعة نيوشاتل، عاصمة سويسرا في صناعة الساعات، فاعتبرت أن قراره البنك المركزي ترك صناعة التصدير والقطاع السياحي يواجهان مصيرهما وحدهما.
وعزفت "لو نوفوليست" على النغمة ذاتها، قائلة إن السياحة تلقت أكبر ضربة على الرأس، وأن علامات الانتعاش في السياحة، التي بدأت بالظهور بعد ست سنوات من الندرة تم نسفها بضربة واحدة كبيرة، فيما ذكرت صحيفة "لو كورييه" أن ارتفاع الفرنك لن يفيد المستهلكين الذين سيحصلون على الفتات بسبب ضعف قوانين مكافحة الاحتكار في البلاد.
وذهبت "لا جفي" إلى حد التحدي للمراهنة على قدرة الجنِّيَ السويسري في مواجهة تحديات لا يمكن التنبؤ بها، مشيرة إلى أن النتائج المترتبة على قرار البنك المركزي، لا يزال من الصعب التنبؤ بها، لكن إذا نجحت هذه القضية، فعلينا أن نتحدث عن وجود جِني عبقري في البنك المركزي.
من جانبه، قلب مصرف "يو بي إس" أمس حساباته السابقة حول نمو الاقتصاد السويسري خلال العام الحالي عقب إلغاء سعر اليورو الثابت أمام الفرنك، فقد توقع المصرف في تقرير له، تلقت الاقتصادية نسخة منه، تباطؤ الاقتصاد السويسري في عام 2015، لكنه، على نقيض المعهد الاقتصادي السويسري "باكباسيل"، استبعد حصول ركود.
ورجح "يو بي إس ويلث مانجمنت"، وهو الذراع الاستثماري للمصرف السويسري الكبير، أن يقع معدل نمو الاقتصاد السويسري عند حدود 0.5 في المائة هذا العام، مقارنة بـ 1.8 في المائة المقدرة سابقا، أما في عام 2016، فمن المتوقع أن تصل زيادة الناتج المحلي الإجمالي إلى 1.1 في المائة، مقارنة بـ 1.7 في المائة سابقا.
وعلى سبيل المقارنة، يتوقع أن يبلغ النمو ما بين 1.9 إلى 2.0 في المائة في عام 2014، ومن المقرر أن تعلن وزارة الاقتصاد الأرقام الرسمية في 3 آذار (مارس) المقبل.
وبحسب "يو بي إس" فإنه من المتوقع أن يبقى الاستهلاك الخاص مثل المحرك الرئيسي للنمو في الأشهر المقبلة، وفقاً لما ستشهده الأسعار من هبوط علاوة على انخفاض أسعار الفائدة، لكنه ذكر أن المصدرين سيعانون من جراء القرار، بانخفاض يصل إلى أكثر من خمسة مليارات فرنك في العام الجاري.

الأكثر قراءة