لا خوف على مجلس التعاون.. رغم التحديات
أعتقد أن أي شأن خليجي حتى لو كانت له صفة سياسية يعتبر موضوعا محليا يحق لكتاب الخليج دون غيرهم تناوله بأسلوب إيجابي يجمع ولا يفرق ويقرب ولا يقصي أحدا.. ومن هذا المنطلق أتحدث اليوم عن (خيمة الخليج) وأعني بها مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي تأسس عام 1981م بمبادرة من قادة الخليج العربي الحرصاء على أمنه واستقراره وتقوية الروابط بين أقطاره .. ويهدف المجلس إلى تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولا إلى وحدتها .. وعند تأسيس هذه المجموعة قال المتشائمون إنها لن تستمر طويلاً ونسي هؤلاء (لأنهم لا يقرأون التاريخ) أن نماذج مشرفة وناجحة من صيغ الاتحاد والوحدة قامت في هذه المنطقة واستمرت قوية رغم التحديات وأهمها التجربة السعودية التي جمعت بلاداً مترامية الأطراف في دولة واحدة وتجربة الإمارات العربية المتحدة وتجربة سلطنة عمان .. وخلال العقود الثلاثة الماضية هبت على (خيمة الخليج) عواصف قوية تشبه إلى حد كبير تلك العواصف الرملية التي تشتهر بها منطقتنا.. ومن تلك العواصف الحرب العراقية - الإيرانية ثم حرب الخليج الأولى والثانية وأخيراً تداعيات ما يسمى الربيع العربي وظواهر الإرهاب التي تحيط بالخليج من كل جانب .. لكن (الخيمة) ظلت قوية بأعمدتها الستة وخاصة عمودها الأساسي المتمثل في أكبر دول المنظومة التي تسهم في الدفاع عن المنظومة الخليجية في المحافل الدولية عبر دبلوماسية ناجحة وقوية وكذلك القيام بجهود كبيرة في معالجة ما ينشأ داخلياً من خلافات بحكمة وصبر ومواجهة الأخطار التي تهدد أي دولة من دول المنظومة بشجاعة وقوة كما حدث عند غزو دولة الكويت وتهديد أمن مملكة البحرين.
ولعل السر في بقاء المنظومة الخليجية متماسكة هو ترك الحرية لكل دولة أن تتصرف في علاقاتها الخارجية حسب مصالحها بشرط ألا يضر هذا التصرف بقية دول المنظومة التي ينبغي أن تكون على علم مسبق بتحرك تلك الدولة واتصالاتها لتظل الآراء موحدة والأهداف واضحة.
واليوم ودول الخليج العربي تعيد ضبط أروقة الخيمة وأطنابها بعد أن تسللت العواصف الرملية عبر تلك الأركان التي حسبت بعض الأطراف فيها أن البعيد أحرص على مصالحها من الأخ الشقيق المجرب في مجابهة الأخطار والأزمات تثبت الأحداث أن صوت الحكمة والعقل هو الغالب وأن الروابط الأسرية والقيم المجتمعية لأهل هذه المنطقة حكاماً وشعوباً ستعيد الأمور إلى نصابها قبل أن تكتمل فرحة الأعداء.
واخيراً: حفظ الله (خيمة الخليج) من الرياح والعواصف .. ودعوة لكتاب الرأي والمثقفين في جميع دول الخليج العربية أن يجردوا أقلامهم للدفاع عن خيمتهم القوية التي ستتحول قريباً إلى صيغة أقوى وهي الاتحاد، وعلى كتاب الخليج أن يركزوا دائماً على ما يجمع دول وشعوب هذه المنطقة وفي هذا الوقت بالذات الذي تتعرض فيه إلى حملة تستهدف أمنها ووحدتها الوطنية، ومحاولة إدخالها في النزاعات والحروب الطائفية التي تعصف ببعض الدول التي كانت مستقرة إلى وقت قريب.