أسرار نور الصباح

يقول الله - سبحانه وتعالى - في كتابه الكريم: (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا)، (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ)، مبيناً لنا فيها أهمية ساعات الصباح، ومع ذلك تحولنا مع الوقت إلى كائنات ليلية لا تدب الحياة في مدننا، حتى قرانا إلا في منتصف النهار ساعات قليلة ثم نعود للخمول، وما إن يأتي الليل حتى تعود فينا الحياة من جديد، ولا يقتصر ذلك على الشباب والأطفال، ولكن حتى كبار السن، نسهر لنبحث عن سعادة مفقودة بعيدا عن النهار وشمسه الحارقة، ولكن ذلك لم يجعلنا أسعد؛ بل زادت الكآبة والطفش!
يعتقد علماء النفس أن نمط الحياة هذا أدى إلى تفاقم نوبات الاكتئاب، حيث يغيب عنا الضوء، ما يسبب نقص هرمون "البراتونين" المادة الكيميائية المسؤولة عن الحالة المزاجية للشخص وزيادة "الميلاتونين" المسؤول عن ضبط ساعة النوم، فيصاب الشخص بكسل شديد وإرهاق وميل دائم للنعاس والعزلة وإحساس بالدوران وفقدان شهية، وفي حالات أخرى زيادة شهية المواد الكربوهيدراتية والسكرية, وهذه هي أعراض الاكتئاب.
لذا كانت العودة إلى وسيلة قديمة من وسائل العلاج "بالضوء" فبعد أن كان يستخدم ضوء النهار في العلاج ابتكر الطبيب الدنماركي "نيلس فينسن"، أول مصدر ضوئي واستخدم ابتكاره هذا في علاج الذئبة الحمامية، وحصل لذلك على جائزة نوبل في الطب سنة 1903، ومنذ ذلك الحين، تطور مجال العلاج بالضوء وتطورت استخداماته.
وأصبح العلاج بالضوء القوي والملون خيارا للمرضى الرافضين للخروج من حالات الاكتئاب والتوتر بالأدوية، خصوصا الحالات الموسمية مثل أيامنا هذه مع قرب دخول فصل الشتاء حتى نهاية فصل الربيع وفي فترة الحمل، حيث تزداد محاذير استخدام الأدوية! وللألوان قدرة علاجية غريبة وغالبا ما تستخدم أربعة ألوان وهي: الأزرق؛ لإزالة الآثار المرضية من الجسم. والأحمر؛ لتنشيط خلايا الجسم وتنظيم ضغط الدم. والأصفر؛ يساعد على التخلص من التخثرات في الجسم، مثل الحصوة في الكلى، أو تخثرات الدم وانحباس السوائل. أما اللون الأخضر؛ فهو اللون الذي يساعد على توازن الجسم ومفيد للعين والدماغ.
وللعلاج بالضوء طرق عدة، منها تسليط أشعة على المريض عبر مرورها في فلاتر زجاجية تفرز الألوان المطلوبة أو من خلال وضع ماء في أحواض زجاجية يتم السماح للضوء بالتغلغل داخلها ليعطي اللون المطلوب!
ومن عظمة هذه الخاصية للضوء قام باحثون بريطانيون باختراع آلة تحاكي ضوء الفجر وتقوم برفع مستويات الضوء خلال النوم وبث أيونات مختلفة تحاكي الظروف الجوية خارج المنزل ولاحظوا تأثيرها الإيجابي في 99 مريضاً، فلا تحرموا أنفسكم من ضوء النهار.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي