تداعي الأمم .. ونظرية المؤامرة

أريد من القارئ الكريم أن يتأمل معي معنى هذا الحديث الشريف (يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها .. قالوا: أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: لا أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل) نعم فهذا تعداد العالم الإسلامي يبلغ أكثر من مليار ونصف مليار نسمة أي ما يقرب من ثلث سكان العالم ولكنه مغلوب على أمره .. محسود على الثروة التي حباها الله لبعض بلدانه وبالذات في منطقة الخليج العربي .. ولذا تداعت علينا الأمم لاستنزاف هذه الثروة بشتى الوسائل وخلق الصراعات التي حاكوا خططها وأشعلوا نيرانها ثم قدموا أنفسهم على أنهم وحدهم من يستطيع إطفاء تلك النيران!! طبعا سيأتي من يقول: إنك من أنصار نظرية المؤامرة .. وكم جوبه بهذه التهمة من تحدث وحذر مما سيقع .. وها هي الأحداث الآن تصدق ما يقال عن المؤامرة الكبرى .. فلم يعد أي من جهابذة التحليل السياسي يملك القدرة على إعطاء تحليل مقنع لما يجري في بلاد العرب والمسلمين تحديدا دون بقية دول العالم!!
وعودة إلى نظرية المؤامرة أقول إنه من المفيد أن تكون في أذهاننا دائما؛ لأنها نوع من أنواع الحذر ولو أننا قد لا نستطيع فعل أي شيء تجاهها حتى لو علمنا بها كما هو الواقع الآن .. وهكذا فإن المؤامرات الكبرى قد لا يعرف بعض أطرافها بها وقد يعلم المتآمر عليه ولكنه مغلوب على أمره!!
ويقول عربي عاش في بلاد الغرب أكثر من 30 عاما ودرس مجتمعاتها أنهم يحسدونكم على ثروتكم التي وهبها الله لكم ويريدون الحصول على نصيب دائم من هذه الثروة مع أنكم لا تحسدونهم على الثروات التي نهبوها من مستعمراتهم حينما كانت لا تغيب عنها الشمس ولذا فإنهم على استعداد لإدخالكم في حروب وأزمات وصراعات لتشغيل مصانع السلاح لديهم والحصول على أموالكم بشتى الطرق!!
وصدق الزميل يوسف الكويليت في افتتاحية جريدة «الرياض» يوم الخميس الماضي حين قال: (آل بوش أدخلونا في عدة حروب وأوباما أدخلنا في ورطات لا نعرف نهايتها في سورية والعراق وربما في ليبيا واليمن وبلدان أخرى ولأن المعركة كل يقيدها بزمن من متوسط وطويل وأهداف تغلب عليها الشكوك فاللعبة اتسعت وتشابكت وانعدم اليقين بالنتائج القريبة والبعيدة).
وأخيرا: أصحاب نظرية المؤامرة هم الذين يعتقدون أن الأحداث الكبرى في التاريخ (قد هيمن عليها المتآمرون وأداروا الأحداث السياسية من وراء الكواليس) وكان معظم الناس لا يصدقون ذلك لكن ما يجري الآن قد دعم هذا الاعتقاد لدرجة أن لا أحد يجرؤ على إسكات من يتحدث عن نظرية المؤامرة كما كان الحال منذ سنوات قريبة .. قبل أن تسقط كل الأقنعة وتظهر تلك المؤامرة الكبرى التي استغرق التخطيط لها سنوات ومن المتوقع أن تستمر آثارها السلبية على منطقتنا سنوات وسنوات .. ولعل ما يدعو للاطمئنان أن قيادتنا مدركة لكل ما يجري وأن جبهتنا الداخلية قوية ومتماسكة بحمد الله .. فاللهم نسألك السلامة لبلادنا ولسائر بلاد العرب والمسلمين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي