من أين جاء الوطن؟

هل لدينا تربية وطنية تصمد أمام مزاعم المؤدلجين الحزبيين، وأصحاب الأهواء، أقول تربية وطنية صلبة مفهومة للنشء ومقنعة، تؤسس مفاهيمه الوطنية التي هو في أمس الحاجة لها.
الجواب لا؛ لأن كل الضخ الإعلامي ليس توثيقا تعليميا، بل دعائي عاطفي لكل المناسبات، ولا يعطي عيد الوطن مفهومه الخاص، السبب أننا نفترض معرفة الجميع بجواب سؤال واحد هو (من أين جاء الوطن؟) وهو سؤال خطير يتعلق بماهية الكينونة للفرد المواطن، ولكل مواطن يعيش في الوطن، ويفرض عليه واجبات الولاء للوطن، واحترام علم الوطن، والرموز الذين بنوا الوطن وحموه.
سألت نفسي سؤالا: من أين جاء الوطن هذا منذ زمن طويل؟ خصوصا، عندما رأيت من لا يعبأ بفكرة الوطن، ورمزيتها، وأهميتها في تربية النشء؛ لأنه لم يعلم في الصغر معنى ألا يكون لك وطن، ولك أرض، وعلم ودولة، ورموز يتمثلها الناس، من نساء ورجال الوطن الذين لهم تاريخ في الكفاح والدفاع عن الوطن والمساهمة في بنائه.
من هذه الأسئلة، فكرت باكرا في كتابة عمل شعري غنائي تعليمي للنشء في المدارس يكون بمثابة عرض مسرحي، أو فيلمي يرسخ بعض هذه الأفكار، وكان عنوان هذا العمل هو السؤال نفسه: من أين جاء الوطن؟ وكنت أتوقع أن يسألني أحد بغير اليوم الوطني عن عمل للوطن، لأشرح له فكرة أهمية ديمومة الإعلام، وتكراره عن الوطن في كل مناسبة، لنشرح من أين جاء الوطن، وكيف بني، وكيف دافع عنه الأسلاف العظام، وأننا مدينون للوطن بوجودنا على أرضه بعزة، وكرامة، وأن مجرد التفكير في أنه ليس لك وطن سيصيبك بالخوف، فأوطان الآخرين لا تستوعب غير أهلها.
الذين لا يفهمون معنى الوطن، ومعنى قيم ورموز الوطن، وتختلط عليهم الأمور في نقد أعمال الحكومة أو الأحزاب، وهذا الخلط هو ما يستغله المغرضون عبر المؤدلجين وأصحاب المصالح الخاصة، فيزينون للبعض الحرب على أوطانهم عن طريق إرهاب، أو اصطفاف خلف عدو يتربص بالوطن الدوائر، لكن الأمم المحصنة بالوعي بأهمية الوطن ورموزه، والدفاع عن أرضه هي الأمم القوية.
أتمنى أنه مع بداية كل عام، وفي منتصفه، تقوم عملية توعية بالمسرح، والسينما، والغناء عن معنى الوطن، ومآثر الوطن، ودور المواطن في خدمة الوطن للتعبير عن تمسكه بهذا الكيان العظيم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي