الخلايا الإرهابية .. التشكيل يبدأ من التحريض
عرف السعوديون الخلايا الإرهابية قبل تفجيرات مايو 2003 م حينما انفجرت قنبلة يدوية الصنع في منزل في حي الجزيرة شرق الرياض كان فهد بن سمران الصاعدي يعدها لعمل إرهابي ما أودى بحياته وتكشفت خلية ضمت 36 إرهابياً بعدها بثلاثة أشهر.
ولم يكن السعوديون على معرفة دقيقة بماهية الخلايا ودورها الخطير في زعزعة الأمن عبر التخطيط لعمليات شديدة الخطورة على وحدة المجتمع وتماسكه، حتى مع تفجير العليا في العام 1996م وكذا عملية تفجير أبراج الخبر.
وفي العام 2003 م أدرك السعوديون أنهم أمام تنظيم راديكالي يسعى إلى أهداف سياسية واضحة عبر الاستقواء بالخارج أو الانطلاق من أراضيه عبر تسهيل العبور من أفغانستان إلى إيران ومن ثم إلى اليمن بعد زوال حكم طالبان في كابل 2001م. وأفاق المواطن والمقيم الآمن في السعودية على خليّة تشكلت في مدينة الزلفي 2003 أخذت من مبنى "استراحة" منطلقاً لتنفيذ عملية إرهابية تزعمها القتيل فهد الجوير المدرج اسمه على قائمة الـ 36 مطلوباً في الداخل وزعيم تنظيم "القاعدة" في حينه، وإيواء مطلوبين في قائمة الـ 36 والتستّر عليهم، ونقل بعضهم متخفين بعباءات نسائية، وتولّت الخليّة تفجير مصفاة بقيق النفطية شرق السعودية. وجاءت خلية "تمير" الأخيرة، المكتشفة الأسبوع الماضي، كواحدة من الخلايا المزدوجة الفاعلة في عملية التجنيد والتحريض للانضمام للتنظيم الطافي على السطح ومسرح الأحداث السياسية والعسكرية في العراق وسورية "داعش"، ولتثبت أن التشكيلات الإرهابية تستهدف على الدوام الشباب السعودي في تكوين أدواته المسلّحة.
وتوزعت الخلايا الإرهابية في السعودية في عدد من المناطق والمدن الرئيسة التي تشكل هدفا للتنظيم، ويتكون تنظيم القاعدة بالداخل من خلايا الرياض، الشرقية، المدينة المنورة، مكة المكرمة، القصيم، الشمال الجنوب، كما كان هناك خلية دولة الإمارات وعمان والكويت، كانت تسعى لاستهداف مواقع داخل تلك الدول إضافة للإساءة للمملكة مع جيرانها ويتم ذلك بتعاون عناصر تنظيم القاعدة في الداخل وبعض مواطني تلك الدول الذين تم القبض عليهم، ويتفرع عن تلك الخلايا الرئيسة خلايا فرعية وصلت إلى 14 خلية فرعية.
وتتخذ الخلايا الإرهابية شكلين من العمل عبر مجموعات العمل السري داخل المدن وتتكون الخلية الواحدة من أربع مجموعات أساسية، فيما يكون الشكل الثاني الذي تتخذه الخلية هو تنظيم مجموعات العصابات في المناطق الوعرة وتبدأ بالجماعة، ثم الفصيلة، ثم السرية، ثم الكتيبة،وبعضهم سبق له الانضمام لتنظيم القاعدة الإرهابي في أفغانستان والعمل عن قرب مع الهالك أسامة بن لادن ورفاقه. إن لتنظيم القاعدة منهجاً محدداً في اختيار وتدريب العناصر المختارة للعمل الإرهابي ويأتي في مقدمة هذا المنهج شرط معتمد للغاية وهو وجوب السمع والطاعة لأمير التنظيم والخلايا والأوامر التي ستصدر إليه بخصوص المشاركة في التنفيذ.
وخصص تنظيم القاعدة في الداخل خلايا إرهابية تعمل لأهداف معينة منها «خلية النفط» وكان يخطط عليها قيادي تنظيم القاعدة لضرب مواقع النفط في المملكة، «خلية الاغتيالات» وتستهدف عددا من رجال الدولة والمسؤولين في عدد من الأجهزة الحكومية والمستأمنين من الأجانب، وكانت هناك خلية بمسمى «خلية التجهيز» تهتم بتجهيز التنظيم الإرهابي في الداخل بالأسلحة العسكرية والمواد المتفجرة وتدريب الأعضاء بإعطائهم دورات في الأسلحة والتشريك وتصنيع المتفجرات ودورة في الاقتحام. بحسب موقع "السكينة".
وبناء على ذلك إما أن تكون هذه الخلايا خلايا فاعلة نشطة تورطت فعليا ونفذت عمليات إرهابية إجرامية في العلن كخلية الدندني التي شرعت في تجنيد أعضاء عسكريين ومنفذين لأعمالهم، وأشخاص يرصدون المواقع المستهدفة وجمع المعلومات، وآخرين يقدمون الدعم اللوجيستي للخلية من خلال تأمين الأوكار والسيارات والأسلحة والمتفجرات، ونقلها وتصنيعها، ومجموعة أخرى لجمع الدعم المالي والشرعي لإقناع المجندين، وحثهم على القيام بارتكاب الجرائم، ولأنها خرجت بأفعالها إلى السطح فإن أفرادها بطبيعة الحال مابين هالك ومقبوض عليه يحاكم.
أو خلايا نائمة تعمل على تجنيد الشباب واستخدامهم في الأعمال اللوجستية، وقد يكون عناصرها مدربين عسكرياً ولديهم مخطط إرهابي لكنهم مختبئون ينتظرون إشارة البدء والتحرك من أعلى. وتتمثل أدوارهم في نشر الفكر التكفيري، والتجهيز والبحث عن السلاح وجمع المعلومات عن المواقع المستهدفة، وتسهيل سفر المغرر بهم إلى المناطق المضطربة، وتنفيذ مخططات إجرامية تهدف إلى نشر الفوضى والإخلال بالأمن، وجمع الأموال لدعم التنظيم الضال في الداخل والخارج. وقد وضعت الجهات الأمنية خطة مُحكمة واستتراتيجية واضحة لمواجهة هذه الخلايا والمتعاطفين معهم ووضع آلية معالجة لهذه الخلايا. وحجم الخلية لا يتعدى 20 فردا وتقتصر وسائل اتصالاهم على شبكة الإنترنت دون أن يلتقوا ببعضهم بعضا، حتى إن بعض عملياتهم تتم بمبادرات فردية، وهم هؤلاء الذين ألهمهم فكر القاعدة وعملياته الإرهابية أو "الجهادية" وفق تصورهم، وغالبيتهم لم يتصلوا من قبل بزعماء التنظيم الأساسي، وفى الأغلب ربما كانت لهم اتصالات وتدريبات عسكرية.