من يدعم «داعش»

فيما مضى كانت التقلبات السياسية تأخذ وقتا كبيرا للتفكير وحيزا للتشاور خصوصا بين الدول العظمى دائمة العضوية في مجلس الأمن و على رأسها الهرم الأكبر "أمريكا" وكانت الدول الأعضاء تدلي بأصواتها وتتحفظ على بعض من تراه غير مناسب ولكن يأخذ برأيها.
أما الآن فلم يعد هناك دول دائمة العضوية فالقرارات تنفرد بها سيدة العالم "الولايات المتحدة" ولم تعد لهذه الدول أي مشورة أو أخذ رأي أو حتى اعتبار.
والمشاهد للساحة السياسية حاليا يرى العجب العجاب خصوصا من تقلب السياسة الأمريكية.
منذ أشهر أدارت الولايات المتحدة ظهرها للدول العربية وبالذات الخليجية، والتفتت وبشكل مفاجئ ومعلن إلى إيران والتطلع إلى مد النفوذ الشيعي في المنطقة ابتداء من قيام الثورة الإيرانية وسقوط الشاه إلى الإطاحة بنظام صدام حسين وتسليم العراق إلى إيران وبهذا امتد النفوذ الشيعي على جميع المؤسسات الرسمية في العراق ومن ضمنها الجيش، وهكذا وعلى أثر ذلك قام رئيس وزراء العراق نوري المالكي بنوايا خبيثة وعلانية وهي تصفية الوجود السني حتى وصل إلى قلب "العشائر" في الأنبار والتي رأت أن الخطر محيط بها من كل جانب فقامت ثورة العشائر معلنة تمردها على النظام العراقي بقيادة نوري المالكي الشيعي بصفة خاصة. وكانت نقطة القلق النفسي والتدهور العسكري هي إيران التي يقاتل جيشها في سورية مع نظام الأسد وحزب الله اللبناني.
المد العسكري والعتاد الحربي الإيراني إلى سورية لا يتوقف بعد أن فقد بشار الأسد نسبة كبيرة من جيشه الذي انضم معظمه إلى الجيش الحر والمتبقي لاذ بالفرار إلى تركيا والأردن ودول أخرى ولم يبق مع بشار غير الإيرانيين وحزب الله.
في الوقت نفسه المالكي الذي يطبق سياسة إيران في العراق يطالب إيران بالتدخل العسكري وذلك لحماية الطائفة الشيعية والمقدسات الدينية الشيعية في العراق بعد أن وصلت قوات العشائر تدعمها قوات "داعش" إلى نواحي بغداد. وأصبحت قاب قوسين أو أدنى رغم أن أمريكا أرسلت طائرات دون طيار إلى نواح من العراق في رسالة غير رسمية بأننا ندعم الحكم العراقي بقيادة المالكي ولكن، السؤال: كيف تمكنت قوات داعش من الخروج من معاقل القتال في سورية والوصول إلى أطراف بغداد واستولت على مدن وقرى عراقية وأجبرت القوات العراقية على التراجع والتخلي عن مواقعها وأصبحت تدير معارك حربية وتمتلك عتادا عسكريا حديثا مدعما بالدبابات.
أما إيران فقد وقعت بين فكي كماشة هل تسحب قواتها التي تقاتل مع الأسد في سورية وترسل هذه القوات إلى العراق لصد الهجوم الداعشي المنتظر على بغداد، أم ماذا تفعل وهي الوصي على مد النفوذ الشيعي في المنطقة؟.
أما السؤال الأخير: هل تغيرت سياسة أمريكا في المنطقة خلال أشهر معدودة وإدارة ظهرها لإيران بعدما رأت عجز إيران عن مساعدة العراق وسورية في آن واحد.
أما السؤال الأهم هو من وراء دعم داعش؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي