80 مليارا
طالعت بالأمس تحقيقا عن التعليم في فنلندا، وهي أفضل بيئة تعليمية في العالم. شرح التحقيق طريقة اختيار المعلمين من بين أفضل 10 في المائة من خريجي الثانوية العامة، واشتراط أن يحمل المعلم درجة الماجستير. يقابل ذلك تفريغ ليس معلما واحدا، بل ثلاثة معلمين لكل فصل دراسي يشرح اثنان المادة ويتعامل الثالث مع من يواجهون صعوبات في المادة.
حصل الطلبة الفنلنديون على المركز الأول في الرياضيات والعلوم على مستوى العالم. يركز التعليم على المواد العلمية واللغات لدرجة أن الطالب يتخرج في الثانوية وهو يتحدث أربع لغات إحداها الإنجليزية. يكلف الطالب ميزانية الدولة ما يقارب 20 ألف ريال.
يسهم أولياء الأمور في التعليم من خلال الحضور الشخصي والمتابعة المستمرة والمشاركة في النشاطات الرياضية والاجتماعية بشكل شبه يومي. تعتمد الدولة واحدا من أشد المناهج صعوبة في العالم.
عندما قارنت الحقائق التي تعيشها مدارسنا ببيئة مدارس فنلندا وجدت أن هناك إشكاليات لا تحلها 80 مليارا أو أكثر أو أقل. لعل الاعتقاد أن الدفع بالمليارات كفيل بحل المشكلات، واحد من المفاهيم التي ستؤدي إلى استهلاك الموارد دون تحقيق نتائج فعلية.
لا تزال المبالغ الممنوحة لتطوير التعليم مثار نقاش في كل مكان، لدرجة أن المبالغ أقرت خلال فترة لم تسمح حتى للوزارة أن تحيط المواطن بخطتها لكيفية ومجالات الصرف التي ستحقق الاستدامة في مجال تطوير التعليم، وهو الشريك الأهم في العملية التربوية.
ها نحن خصصنا 500 مليار للإسكان ولم يسكن أحد، ومئات المليارات للبنية التحتية في المدن ولا تزال الحفريات تميز مدننا دون مدن العالم كلها. أغدقت الدولة على الصحة لتصرف عليها ما يعادل التأمين الصحي على مواطني المملكة خمس مرات، ومع ذلك عدنا لشركة عندما واجهنا أول فيروس.
لنحاول أن نطبق نموذج فنلندا: معلمون على مستوى عال من التخصص والكفاءة، وأسر مشاركة، ومنشآت تعليمية ومناهج متماشية مع العصر.
أعود للتذكير بطرحي السابق وهو تأسيس شركة وطنية كبرى تتولى العملية التربوية بينما تضع الوزارة السياسات والإجراءات وتراقب التطبيق، فمع الـ 80 مليارا تكون الدولة قد صرفت على كل طالب ما يقارب 40 ألف ريال، وهو ضعف ما تصرفه أفضل دولة في العالم.