تهريب الخادمات
اكتشفت بالأمس أنني واحد من عشرات الآلاف من المواطنين الذين وقعوا ضحية استقدام خادمات للعمل في منازل غيرهم.
عندما صحونا كانت الخادمة قد وصلت إلى المنزل الجديد الذي استقدمها لتخدم أهله على حسابي، ودون أدنى اعتبار لأشهر الانتظار والتكاليف التي تحملتها وقوانين الدولة. تسلَّمت الأسرة الجديدة خادمة بتأشيرة نظامية ومفحوصة طبياً وتحمل إقامة نظامية، لتكون بذلك قد وفرت أكثر من 25 ألف ريال، وأكثر منها شهور الانتظار التي تجاوزت العشرة. بل إنها "تطقطق" باللغة العربية وتتحدث الإنجليزية، وأكملت ثلاثة أشهر، وثبت أنها يمكن أن تكمل فترة عقدها.
تستفيد الخادمة من هذه العملية راتباً قد يصل إلى الضعف مما تحصل عليه لدى الكفيل النظامي. لديها حرية أكبر في ابتزاز الأسرة الجديدة التي خالفت النظام، وإذا لم تجد ما تريد فليس عليها سوى الاتصال بعملاء العصابة التي تدير عملية التوزيع لتختار بيتاً آخر.
عند انقضاء مدة عملها تكون قد جمعت ضعف ما تجمعه من عقدها النظامي، وتغادر بمباركة السفارة التي قد تصدر لها جواز سفر جديدا وتهربها من البلاد.
تكسب العائلة التي "تمول الجريمة" خادمة دون مجهود، تبقى للفترة التي ترغب فيها الأسرة، وبإمكانها التخلص منها دون دفع قيمة تذاكر أو تعويضات. تعتمد هذه الأسر على مجتمع "يستعيب" أن يبلغ عن هذه المخالفات، ليفاجأ ذات يوم بأنه وقع ضحية ما كان يغطي عليه من جرائم، فيندم حين لا ينفع الندم.
الأجهزة الأمنية سلبية بشكل غريب في التعامل مع هذه القضايا، لدرجة أنها انتشرت في كل مكان، وأصبح أغلبية الخادمات يصلن وهن على موعد مع فرقة نقل الخادمات بين البيوت، لتكون مصدر دخل لتشغيل العصابة التي بدأت بجنسية محددة ثم انتشرت في أغلبية الجنسيات العاملة في المملكة، وما حدث من الخادمات الإندونيسيات في جدة مثال على القادم.
لا بد من الضرب بيد من حديد على الخادمات وعصابات التشغيل والأسر التي تمول هذه العملية. ها هو شهر رمضان المبارك على الأبواب، لتتزايد عمليات التهريب بين البيوت. ولأن المواطن هو رجل الأمن الأول، فمسؤوليته تتطلب أن يبلغ عن مثل هذه الجرائم، لأنه قد يكون ضحيتها يوما ما.