نهاية «القاعدة»

تعيد تصريحات وزارة الداخلية الأخيرة إلى الذاكرة المخاوف التي عاشها كل مواطن في فترة حاولت فيها "القاعدة" أن تستوطن البلاد من خلال الإرهاب والتخويف. كما أعادت إلى الذاكرة كل المواجهات الفكرية والعسكرية التي راجت في المجتمع وأفقدت كثيرين القدرة على التمحيص واتخاذ القرار بناءً على معطيات الواقع.
استغلت جماعات كثيرة فكر القاعدة لتحاول أن تزعزع أمن البلاد، وتبنّى بعضهم أطروحات وقراءات ما أنزل الله بها من سلطان، في محاولة لسد فراغ أو إضافة فراغات جديدة في البنية الفكرية التي تُبنى على الخوف والترهيب وإلغاء العقل.
عاشت "القاعدة" بفكر وتنظيم تجاوزهما الزمن، فأصبحت حالة من الإساءة للدين ومقوماته ومفاهيمه التي لم يكن منها أبداً الدعوة بالقوة والسلاح وتخويف الآمنين. ربط الكثيرون بين "القاعدة" والسُّنة، فتولدت عداوات لأهل السُّنة في أغلب دول العالم.
امتطى ذلك الخوف والعداء مجموعة كبيرة من المنظّرين السياسيين وأصحاب الأهداف المشبوهة لفرض حصار جديد على فكر الناس، ومحاولة إبعادهم عن الأسس التي قام عليها الدين الإسلامي الحنيف والتي انتهجتها هذه الدولة التي لا أبالغ إذا قلت إنها الوحيدة التي تطبق الإسلام في كل مناحي الحياة.
نجحت الدولة في محاربة إرهاب "القاعدة" الذي حوّلها إلى مجموعة انفصالية ذات أهداف مشبوهة في عدد كبير من الدول. الشبهة طالت قياداتها وأعمالها ومواقع نفوذها ورؤيتها للدين في الأساس.
تكاد لا تسمع اليوم عن "القاعدة" إلا ويرتبط ذكرها بعمليات تفجير أو قتل أو إرهاب، فمن أين يبرّر هؤلاء محاولاتهم زعزعة الأمن في البلد المقدّس؟ وكيف يعتمدون على التغرير بالأطفال والنساء لتنظيم شبكة إرهابية جديدة.
يأتي اليوم الذي يحاول فيه هؤلاء أن يبنوا على خوف الناس من خلال التشكيك في بقاء الدولة. هذه النظرية "المؤامرة" هي الحلقة الأسوأ في تاريخ الثقة بالذات الذي كان "يدعيه" منظرو "القاعدة" ومفكروها.
عندما تشعر المنظومة بالخوف من الداخل فهي تحاول أن تتصرّف بطرق غير عقلانية لتفادي نتائج الخوف. شعور "القاعدة" بخطر النهاية دفعها لرؤية النهاية في كل شيء. يذكرني هذا بقول روزفلت "يجب ألا نخاف سوى الخوف نفسه". وها هي "القاعدة" تحفر قبرها من خلال "نظرية النهاية".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي