انتحار الأدباء
وتمتد الظاهرة لتشمل أسماء لامعة من عالم الأدب والشعر العربي، لكنها ليست بالصورة التي هي عليها في الغرب، وقد يكون ذلك بسبب عدم التوثيق أو بسبب طبيعة المجتمعات العربية، وأما السبب الحقيقي وراء تلك الحوادث يبقى سرا يستغرق سنين لكشفه!
فما الذي دفع الشاعر السوري عبد الباسط الصوفي، الذي لم يتجاوز الثلاثين من عمره لشنق نفسه، هل هي قسوة الحياة أم ويلات الغربة أم إخفاقات عاطفية دفعته للذهاب إلى "غينيا" كمدرس وهناك عانى الغربة والمرض رغم أنه لم يمكث فيها سوى خمسة أشهر أصيب بعدها بانهيار عصبي حاول فيه الانتحار بإلقاء نفسه من الطابق الثالث في المستشفى، لكن الممرضة أنقذته، ليجدوه بعد ذلك معلقا في غرفته بعد أن شنق نفسه بحزام بيجامته؟ يقول في قصيدته "ليالي الحب":
يا فؤادي كلما هاجت لنا الذكرى بكينا ربّ ذكرى قتلتنا حينما طافت علينا
والغريب أنه كتب لصديقه ذات يوم: "ما أسخف فكرة الانتحار يا صديقي إني أمقتها أشد المقت بعد أن كنت أقدسها في الماضي .. لماذا أقف أمام الحياة ذلك الموقف السلبي الانهزامي"!
أما الشاعر اللبناني خليل حاوي فقد أطلق النار على رأسه في بيروت عشية الاجتياح الإسرائيلي لبيروت سنة 1982 بعد مشوار طويل من الكفاح والنجاحات والإبداع، وظل سبب انتحاره غامضا وعلى الرغم من أن السبب الظاهر هو الاجتياح إلا أنه حاول الانتحار مرتين في سنواته الأخيرة وفشل!
عاش وحيدا متألما وقالت عنه حبيبته إنه كان يعاني الصرع وأزمة "الورقة البيضاء"، حيث كان عاجزا عن الكتابة في أيامه الأخيرة مثل شاعره الفرنسي المفضل ستيفان مالاري!
ومنهم أيضا الروائي والكاتب الصحافي العراقي مهدي الراضي الذي عثر عليه مشنوقا في شقته في سورية عام 2007 بعد مشوار من الإبداع والمشاكسات، فهل كان يأسه من عودته لوطنه الحلم سببا في انتحاره وكتابته ورقة يحمّل فيها نفسه مسؤولية موته في منزله في ريف دمشق؟
أما النهاية المأساوية فكانت من نصيب الأديب والشاعر الشاب صالح الشرنوبي الذي لم يتجاوز السابعة والعشرين من عمره تحت عجلات قطار قريته "بلطيم" شمالي مصر حين رمى نفسه تحتها سنة 1951 بعد حياة مليئة بالإحباطات والفشل وأحلام لم تتحقق رغم عبقريته الشعرية!