«سابك».. الحلم الذي صنعه «الحالمون»

ما أجمل أن تتسم اللقاءات والاحتفالات التي تقام للحديث عن تاريخ مرفق أو جهاز مضى على إنشائه 50 عاماً أو أكثر أو أقل، بالوفاء للرواد الذين وضعوا أساس هذا الصرح وعملوا على تقويته في ظروف صعبة وإمكانات محدودة، وتكريمهم إن لم يكن بتقديم الهدايا لهم فعلى الأقل بسرد أسمائهم مهما كان عددهم! وفي اللقاء السنوي الخامس عشر لخريجي جامعة "إم آي تي" في المملكة، الذي دعا إليه المهندس محمد عبد الكريم بكر يوم الأربعاء الماضي، تجسدت صورة الوفاء في محاضرة للمهندس محمد بن حمد الماضي نائب رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للصناعات الأساسية "سابك"، عن هذا الصرح العالمي الذي نفخر به جميعاً، حيث تطرق إلى الرعيل الأول الذي قدم فكرة "سابك" مع تأسيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع، والإصرار على تنفيذهما في وقت واحد، على الرغم من أن خبراء أجانب قد نصحوا بصرف النظر عن المشروعين ووصفوا من ينادي بإيجادهما بـ "الحالمين" الذين فقدوا توازنهم ــ كما قال الدكتور فيصل البشير، وهو من الرعيل الأول الذي ذكره المهندس الماضي، إضافة إلى الدكتور غازي القصيبي يوم كان وزيراً للصناعة.. والمهندس عبد العزيز الزامل وهشام ناظر والمهندس إبراهيم بن سلمة.. وغيرهم ممن لا تحضرني أسماؤهم الآن.
ولم ينس المهندس الماضي دعم الملك خالد والملك فهد ــ يرحمهما الله ــ ثم الملك عبد الله بن عبد العزيز، وكذلك مساندة الشيخ محمد أبا الخيل الذي كان وزيراً للمالية والاقتصاد الوطني عام 1976، عند صدور المرسوم الملكي بإنشاء "سابك"، ثم حين بدأت الشركة باكورة إنتاجها في عام 1981.. وهكذا تظل البصمات الإيجابية لهذا الرجل في جميع مفاصل اقتصادنا، فهو الذي أسس الصناديق الصناعية والعقارية والزراعية وأقنع ملاك عديد من المصارف والشركات العائلية بتحويلها إلى شركات عامة، وكان ذلك لمصلحتهم ومصلحة الاقتصاد الوطني، وغيرها من المنجزات المهمة التي يصعب حصرها في هذا المقام.
وعودة إلى "سابك" ذلك الحلم "الذي تتمنى كثير من الدول النفطية مثله"، والذي يعمل في أكثر من 40 بلداً في العالم بموظفين يفوق عددهم 40 ألف موظف، يمثل الشباب السعودي نسبة عالية منهم، يستحق الإعجاب، والمؤمل أن تتخلى الحكومة عن جزء من ملكيتها البالغة 70 في المائة من رأس المال للمواطنين الذين يبحثون عن مزيد من فرص الاستثمار الناجح، لما يتمتع به من ميزة نسبية ودعم غير محدود من قيادتنا الحريصة على وضع مصلحة المواطن أولاً في جميع القطاعات.
وأخيراً: تهنئة لإدارة "سابك" التي حققت ترتيباً متقدماً في تصنيف الشفافية العالمية وتوجت بتهنئة من القيادة .. ونخص بالتهنئة رئيس مجلس إدارتها الأمير سعود بن عبد الله بن ثنيان ورئيسها التنفيذي المهندس محمد الماضي وجميع القيادات المهنية العاملة معهما.
وتحية إلى المهندس عبد اللطيف العثمان الذي أدار اللقاء بمهنية عالية لا تستغرب من أمثاله تأهيلا وخبرة وتواضعا، مما شجع على التفاعل وطرح الأسئلة بكل أريحية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي