«التجارة» والسيارات .. لماذا لا يتجاوب الوكلاء؟
يبدو أن وزارة التجارة والصناعة يئست تماماً من تجاوب وكلاء السيارات من أجل خدمة أفضل لعملاء تلك الوكالات، ولأن الوزارة يجب أن تكون جهة محايدة، إلا في حالة الإضرار بمصالح العملاء وإهدار حقوقهم في الصيانة والضمان وجميع خدمات ما بعد البيع، فقد عمدت الوزارة إلى التواصل مع الوكلاء وعلى مختلف المستويات بمن في ذلك الوزير، الذي تحرك بصفته الشخصية لفهم طبيعة ما يجري في سوق السيارات ودور الوكلاء في دورة البيع والتسويق والخدمة، ولأن النتيجة واضحة من موقف الوزارة، فإنه يمكن القول إن الوزارة يئست من قيام الوكلاء بدورهم في تقديم خدمة مقبولة لما بعد البيع، فبادرت نحو حثّ بعض شركات صناعة السيارات العالمية التي لها وكلاء في المملكة للقيام، ومن خلال فروع لها في الداخل لتقديم خدمة ما بعد البيع أو المشاركة فيها أو الإشراف عليها.
نعم، خلصت الوزارة في مهمتها الرقابية والإشرافية إلى أن الاستمرار في الاعتماد على وكلاء السيارات لا يمكن المضي فيه، لأن وكالات السيارات تتخلى عن دورها فيما بعد البيع وترى أنها مجرد مسوق والضمان والأعطال المصنعية على الشركات الأم المصنعة للسيارات، رغم أن نصوص نظام الوكالات التجارية في غاية الصراحة في التزام الوكيل الذي يعتبر نفسه وكيلا غير ملتزم بواجبات الوكيل ويسخط إن تم التعامل معه على أنه مجرد موزع، ولذا فقد اتجهت الوزارة إلى الاعتماد على نتائج فحص السيارات من خلال الورش والمختبرات الخاصة، بل هناك من يتبنى إنشاء مختبرات وورش لفحص السيارات تقوم بها الوزارة بعد ازدياد البلاغات والشكاوى من العملاء.
هناك بالفعل مشكلة معظمها يتركز على العيوب المصنعية في بعض السيارات الواردة إلى المملكة، وهي الحلقة المجهولة بالنسبة إلى العملاء حول موقف الشركات الأم الأساسية من تحمل مسؤولياتها تجاه عملائها في الداخل، وهناك أيضا مشكلات ميكانيكية خصوصا في الموديلات الجديدة من السيارات، وفي مقدمتها السيارات الباهظة الثمن، ولأن دور القضاء في تعويض العملاء وتحميل الوكالات التكاليف والخسائر، متى دخلت الأضرار ضمن نطاق التعويض، ضعيف جدا وليس هناك سوابق يمكن الاعتماد عليها، وإن وجدت فإن تكاليفها وفترة التقاضي تفوق أي تعويض يمكن أن يحصل عليه العميل، مما يدفعه مسبقا إلى عدم الإقدام على اللجوء إلى القضاء والاكتفاء بالشكوى والبلاغ لدى وزارة التجارة.
ومن الغريب جدا أن بعض وكالات السيارات لا تتجاوب إلا بعد أن تقوم وزارة التجارة باتخاذ إجراء عقابي ضد الوكالة مثل إقفال خدمات الوكالة لدى الجهات الحكومية الخدمية مثل وزارة العمل ومصلحة الزكاة وغيرها من الجهات كالغرف التجارية الصناعية، فإذا تطلب الأمر مثل هذا الإجراء في كل شكوى لكي يتجاوب الوكيل فإن الحالة توصف بالتعنت، بل معاندة وزارة التجارة بشكل واضح لا غبار عليه، ولذا لا نلوم وزارة التجارة وهي تستعين بمختبرات خاصة، وتجعل من تقاريرها أساسا لأي قرار ضد الوكلاء، فالوكيل خصم لا يمكن الوثوق فيما يدونه من بيانات أو يدلي به من معلومات.
لقد أظهرت نتائج الاستبيان الذي أجرته وزارة التجارة والصناعة لقياس مستوى الرضا عن خدمات وكالات السيارات في المملكة حالة عدم رضا للمشاركين في الاستبيان، حيث أظهر أن 61 في المائة من المستهلكين أبدوا عدم رضاهم عن مستوى الخدمات المقدمة، مقابل 11 في المائة أبدوا رضاهم. فيما قال 28 في المائة إنهم راضون إلى حد ما، وقد تجد الوزارة نفسها يوما مضطرة إلى الفصل بين نشاط وكالات السيارات وهو استيراد وتسويق وبيع فقط، في حين يكون هناك نشاط آخر، وهو نشاط خدمات ما بعد البيع، وتستطيع الوزارة أن تلزم الشركات الأم الأساسية أن تتخذ لها وكيلين أحدهما لبيع السيارات والآخر لخدمة ما بعد البيع.