فشل مدارس الدمج

أعلن مسؤولو وزارة التربية والتعليم أنهم غير قادرين على تطبيق عملية دمج طلبة التربية الخاصة بزملائهم في المدارس العامة. الاكتشاف حدث بعد مرور أكثر من سبع سنوات من محاولات تنفيذ الفكرة التي استنسختها الوزارة من التجارب العالمية. يتبع هذا الاعتراف اعتراف سابق بفشل تطبيق التقويم المستمر.
لنعد للقواعد التي بدأ منها البرنامج ونتعرف على الحكمة من إقراره، ثم نناقش أسباب الإخفاق في التنفيذ. يستخدم البرنامج في أغلبية دول العالم، بل إن عدد طلبة الاحتياجات الخاصة الذين ينتمون إلى مدارس الدمج يتجاوز سبعة أضعاف الدارسين في مدارس مخصصة لهم.
استقت الوزارة التنظيم من دول متقدمة علميا وتربويا، هذا يعني أن هناك تجارب ناجحة، فلماذا لم نتمكن من تحقيق النجاحات نفسها؟ بل لماذا حكمنا بفشل النظرية بكليتها؟
إذا قسمنا العملية التعليمية إلى أهم ثلاثة عناصر هي: المنشأة والمعلم والمنهج، سنتمكن من دراسة كل عنصر، وتحديد دوره في فشل العملية التربوية التطويرية التي نجحت في كل مكان إلا عندنا.
عندما تم اختيار مدارس الدمج، لم تصرف الوزارة أي مبالغ إضافية سوى البدل الذي يتقاضاه العاملون. رغم أن المخططين زاروا مدارس الدمج في الخارج وعرفوا الإضافات المهمة التي تحتاج إليها المدرسة.
تسابق المعلمون المتخصصون في مجالات تربوية أخرى للحصول على الدبلوم الذي يسمح لهم بالحصول على البدل المالي. عُيِّن هؤلاء على وظائف التربية الخاصة، وبقي الحاصلون على البكالوريوس في التخصص في المجال يجوبون الشوارع في انتظار التعيين.
طورت بعض المدارس بعض الأعمال والكراسات التي تخدم ذوي الاحتياجات الخاصة بجهود فردية، ولم يتم العمل على توفير بيئة مختلفة تعليميا للطالب. طالب الاحتياجات الخاصة يتعامل مع مصادر التعلم والحصص الدراسية بالطريقة نفسها التي يتعامل بها الطالب العادي مع بعض الاستثناءات التي لا تهيئ لنجاح التطبيق.
لكن هذه المشكلة ليست في وزارة التربية والتعليم فقط، بل تتعداها إلى وزارات أخرى تحاول استنساخ نظريات ناجحة في العالم كله، وتخفق بسبب خطأ تطبيقي لا علاقة له بالنظرية، وأهم تلك المحاولات هي محاولة تطبيق نظرية "الأمن الشامل" التي لم تنجح لدينا رغم نجاحها في أغلبية دول العالم، لأسباب بسيطة تتعلق بتحويل النظرية إلى واقع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي