سلطان بن سلمان .. وإعلاء شأن الآثار والسياحة في جامعة أكسفورد

حينما نطرح أسماء القيادات السعودية المستنيرة صاحبة المبادرات والحلول غير التقليدية.. يطل علينا الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار في المقدمة.
فهذا الرجل المبدع يكافح من أجل إعلاء شأن الآثار والسياحة وسط سلسلة من الألغام التي تترصد للآثار وتضعها - بغير وجه حق - ضمن قائمة الموبقات والمخالفات الشرعية.
وأتمنى على كل إنسان سعودي أن يقف مع هذا الرجل الابتكاري الإبداعي، ويشد من أزره لتحقيق مشاريعه التنويرية الرامية إلى تسجيل المدن السعودية في المحافل الدولية كمدن لها تاريخ وارف وآثار متميزة تبعث على الفخر والإطراء.
من الإنجازات اللافتة لهذا الرائد أنه افتتح قبيل أيام قلائل مؤتمر الجزيرة العربية الخضراء في جامعة أكسفورد، وهذا المؤتمر نظمته الهيئة العامة للسياحة والآثار بالتعاون مع جامعة أكسفورد البريطانية، وقال الأمير في كلمته التي افتتح بها المؤتمر: إن الإسلام يقدر الآثار، وحينما جاء بالهداية ونور الهدى أبقى على شواهد الحضارات السابقة ولم يلغها أو يهدمها، بل احترمها وأبقاها لتستمر منارة على طريق الحضارات الإنسانية المتعاقبة.
إن أي متابع ودارس للحضارات القديمة في شبه الجزيرة العربية يلاحظ أن الجزيرة العربية كانت مهد الحضارات القديمة، وكانت غنية وثرية وتتمتع بمناخ أخاذ، وعبر الأمير سلطان في كلمته الشافية عن سعادته لنتائج البحوث العلمية التي أثبتت أن التغيرات المناخية فوق كوكب الأرض تُلمح أن المناخ في جزيرة العرب يتجه نحو الرطوبة والخضرة وأن جزيرة العرب سيعود إليها بريقها وستتفجر فيها الأنهار والبحيرات تصديقاً لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لن تقوم الساعة حتى تعود الجزيرة العربية مروجاً وأنهاراً"، وأومأ الأمير سلطان إلى أن 30 فريقاً علمياً مع بعثات للآثار من دول متقدمة كثيرة منها بريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا واليابان وبلجيكا وبولندا وفنلندا إضافة إلى بعض الجامعات السعودية تجوب شبه الجزيرة العربية للبحث عن مزيد من الآثار والاكتشافات.
ومن جهتي فإنني أضيف إلى ما قاله الأمير سلطان - لافض فاه - أن الصور الفضائية التي ترصد القطبين الشمالي والجنوبي أظهرت أن ذوبان الجليد البحري في القطب الشمالي يتم بوتيرة أسرع من المتوقع، حيث اتضح من خلال الصور انحسار واضح للجليد في مناطق سيبريا وألاسكا وجوانب مختلفة من القطب الشمالي، وكان كل من الممر الشمالي الغربي، والمسار الشمالي مفتوحاً أمام الملاحة خلال شهر أيلول (سبتمبر) 2010، كما تسجل درجة حرارة الهواء ارتفاعا ملحوظاً منذ بداية الألفية الميلادية الثانية، وبلغت رقماً قياسياً لتصبح الأشد على الإطلاق.
نقول لقد تداولت وكالات الأنباء العالمية في الشهر الماضي أخباراً عن ذوبان الجليد الذي سيجعل الجزيرة العربية "المملكة العربية السعودية" ضمن المناطق الاستوائية الرطبة، ويجعل روسيا في قلب المناطق ذات الحرارة العالية كما حدث لها بالفعل في صيف 2010.
كذلك فإن الأقمار الصناعية ما فتئت ترسل صوراً عن مجاري الأنهار التي تمتد كالشرايين في أعماق الجزيرة العربية، ويقول العلماء في تفسيرهم للتغيرات المناخية إن الأقطاب المغناطيسية باتت تتعارض مع الأقطاب الجغرافية، ونتيجة لذلك تحولت إبرة البوصلة من الإشارة إلى القطب الشمالي وأصبحت تشير إلى القطب الجنوبي.
وهذا كاف لإحداث اختلال في التوازن الطبيعي للكرة الأرضية وهو ما أدى إلى حدوث الكوارث الطبيعية المروعة كالزلازل والبراكين والأعاصير والفيضانات التي شهدتها خلال الأيام والسنوات القليلة الماضية إندونيسيا وهاييتي وباكستان وروسيا وغيرها من المناطق في أنحاء مختلفة من الكرة الأرضية.
أمّا عن نتائج المؤتمر فقد أكد كثير من المتحدثين "وهم من جنسيات عالمية مختلفة" أن المؤشرات تؤكد أن مناخ الجزيرة العربية سيتحول إلى مناخ رطب مصحوب بخضرة يانعة تنتشر في ربوع الجزيرة وتعيد إلى الجزيرة العربية الدعة والسعة والنضارة، وسيصحب ذلك بسطة في العيش الرغيد والاقتصاد المزدهر.
إن الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - وعد هذه الديار بالمروج والأنهار، وإنه الصادق الأمين الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى.
وفي هذا السياق اختتم الأمير سلطان بن سلمان كلمته في مؤتمر الجزيرة العربية الخضراء الذي أقيم في رحاب إحدى أكبر الجامعات في العالم قائلاً: يستطيع أي متابع للتسلسل التاريخي أن يلمس أن شبه الجزيرة العربية كانت غنية لحقب طويلة قبل اكتشاف النفط، وهذا يؤكد بشكل واضح أننا شعب المملكة لسنا غريبين عن النعمة، وأن ازدهار الأنظمة الاقتصادية في الماضي كان يقوم على قوافل التجارة، وأن أحفاد ذلك الرعيل هم مواطنو السعودية الذين يعيشون مرحلة التحديث الآن ويوظفون الثروة لتحقيق التنمية المستدامة اليوم، وهم قادرون على مواصلة ما بدأه أسلافهم الذين مارسوا التجارة بالقوافل وسادوا على كل شعوب الدنيا.
وخلص الأمير سلطان في كلمته الشافية الوافية إلى أن الاستكشافات الأخيرة تؤكد أن الدور الذي تمارسه السعودية حالياً الذي سيستمر مستقبلاً ليس وليداً مصطنعاً، بل ينبثق من صلب موقعها الطبيعي كوريثة لعدد من الحضارات القديمة العظيمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي