حكايات لا تنسى
عشنا في ذلك العالم الخيالي سنين عديدة لم تمح الأيام آثار دموع سندريلا ولا صورة ليلى وهي تستجدي الذئب! ولا علاء الدين ومصباحه السحري الذي نحلم بامتلاكه حتى اليوم لنحقق به المعجزات!
فهل كانت مجرد قصص خيالية أم رسائل من الماضي لتحسين صورة الواقع وزرع القيم فينا؟
إنها عبارة عن خيوط تربط عالم الصغار الحالم بعالم الكبار وآمالهم وطموحاتهم ومشكلاتهم.
يقول "جاكوب غريم": "أنا لا أعتقد ذلك أبدا!".
الذي كتب مع أخيه "فيلهلم" عشرات الحكايات التي تم جمعها من التراث الألماني الشفهي مثل "بياض الثلج" و"هانسيل وغريتل" و"رابونزل" ونشروها بين عامي 1812 و1815، ومنذ ذلك الوقت وأغلب الأبحاث تؤكد أن للحكايات القديمة جذورا من ماض بعيد جدا، وأنها لم تكن مخصصة للأطفال بل للجميع.
يقول "جاك زايبس"، أكبر خبراء العالم في مجال أصل الحكايات الخرافية وتاريخها: إن حكايات الفقراء والأيتام الحزينة مستوحاة من الواقع الذي كان سائدا فيه الجوع والعنف والمرض!
ولكن مع الأسف في كل طبعة يتم تغيير بعض التفاصيل لتتلاءم مع العصر الذي تنشر فيه، ففي الذكرى المئوية عام 2012 لإصدار "الأخوين غريم" قصصهما الشهيرة، صدمنا الكاتب الأرجنتيني "فابيان نيجرين" بكتابه "الأميرة جلد الفأر"، الذي ضم 42 حكاية أصلية للأخوين، بما احتواه من مفاجأة غيرت ما كان راسخا في أذهاننا من تلك الحياة؛ مثل أن الملكة الشريرة في حكاية بياض الثلج لم تكن زوجة الأب بل الأم الحقيقية للأميرة التي لم تكن شابة كما عرفنا، بل طفلة في السابعة احتفظ بها الأمير الشاب في نعشها الزجاجي ليتأمل جمالها ثم تكون الأحداث كما نعرف!
وفي حكاية سندريلا التي كتبها الإيطالي "جامباتيستا باسيلي" عام 1634، تقوم سندريلا بقتل زوجة والدها وتقنعه بالزواج من جليستها التي تتحول إلى سيدة شريرة وتحضر بناتها الست للعيش في القصر، فسندريلا إذا لم تكن تلك الفتاة المسكينة التي خطفت قلوبنا! وفي حكاية "ليلى والذئب" لم تكن نهاية القصة الأصلية سعيدة كعادة حكايات الأطفال، بل تنتهي بالتهام الذئب ليلى التي لم يأت أحد ويشق بطن الذئب لإخراجها! وفي قصة "الصغيرات والجوع الكبير" يدفع الجوع بالأم إلى أكل بناتها!
ومن هنا يتضح أن ما كنا نقرأه أو يروى لنا في طفولتنا لم يكن القصص الأصلية.