نظام العمل الجزئي
صقل المواهب والتدريب على المهارات الفعالة لا شك أنه يحتاج إلي بيئة عمل حقيقية أو محاكاة للبيئة الواقعية ولفترات طويلة بعض الشيء، فاكتساب المهارات وتغيير السلوك الخاطئ لا يأتي بالتعليم النظري أو بفترات تدريب قصيرة. ومن هذا المنطلق نجد كثيرا من شبابنا الذين يفدون إلي سوق العمل يفتقرون للعديد من المهارات الشخصية والتخصصية التي تأخذ وقتا طويلا لحين اكتسابها، أو أن مجرد حصولهم على الوظائف الرسمية يعطيهم شعورا بالاستقرار والبعد عن تطوير المهارات الذاتية.
هذا الخلل الذي يتسبب في فقد العديد من المكاسب لأصحاب المشاريع ولطالبي العمل، ويؤثر على سلوك الإنتاج المجتمعي، يمكن أن يحل لو وجد نظام العمل الجزئي طريقة للتنفيذ وأصبح بيئة عمل تقدمه لطالبي العمل ليكسبهم العديد من المهارات المطلوبة، ويمنحهم فرصة للتنقل بين الوظائف والقطاعات حتى تكتمل تجربتهم العلمية والتدريبية.
يمكن أن يفتح المجال للشباب والشابات من سن 18 عاما، وفي سن دخول الجامعة أو ما يوازيها ليتدرج الشاب والشابة في العديد من الوظائف والمهن بمختلف تخصصاتها حتى يصقل موهبتهم ويساعد في تطويرهم في المجال الذي يرغبون فيه، ما يمكنهم من الوصول إلي بيئة العمل المنتجة لهم في المستقبل. هذه الأعمال لا تنحصر في وظائف القطاع الخاص فقط بل تتجاوزها إلي الوظائف الموسمية ووظائف العمل المجتمعي والحكومي بنظام وظيفي مستقل يساعد الشاب منذ البدء في تطوير مهاراته ووصوله إلي البيئة التي تتناسب مع قدراته بتنقل سلس وإمكانات مساعدة مختلفة.
وجود مثل هذا النظام سيساعد كثيرا في صقل مهارات الشباب، ويساهم في حل كثير من إشكاليات وقت الفراغ الذي يعانيه كثير من شبابنا. كما أن له فائدة اقتصادية ذات أثر كبير حين تتوافر الفرص الموسمية أو الوظائف بعقود قصيرة تساهم في التخلي عن رقم مهم من العمالة الوافدة والتي تأتي بلا تدريب أو وظائف محددة لتكتسب التدريب والمهارات وتنتقل بعد ذلك للعمل في بيئات أخرى تستفيد منها أكثر.
حاجات الشباب للعمل ليست من أجل العائد الاقتصادي فقط، بل تتجاوزه إلى بناء الشخصية وتطوير المهارات التي لا يمكن اكتسابها من خلال التعليم ووقت الفراغ والاعتماد على الوالدين في توفير احتياجاتهم كافة. الوطن سيكسب كثيرا في خلق جيل واع بثقافة العمل وأهمية التدريب المستمر والتطوير لمصلحة بناء مجتمع عملي فعال أكثر من مجتمع ينتظر الفرص على طبق من ذهب. لهذا يبقى نظام العمل الجزئي خطوة جريئة في حاجة إلى أن تُفرض من قبل الجهات ذات العلاقة لتحقق عائدها المرجو.